قال له اليهودي: فإن هذا موسى بن عمران عليه السلام قد أعطي العصا، فكانت تتحول ثعبانا.
قال له عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي ما هو أفضل من هذا إن رجلا كان يطالب أبا جهل بن هشام بدين ثمن جزور قد اشتراه، فاشتغل عنه وجلس يشرب، فطلبه الرجل فلم يقدر عليه، فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟ قال: عمرو بن هشام - يعني أبا جهل - لي عليه دين، قال: فأدلك على من يستخرج الحقوق؟ قال: نعم، فدله على النبي صلى الله عليه وآله، وكان أبو جهل يقول: ليت لمحمد إلي حاجة فأسخر به وأرده، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وآله فقال له: يا محمد بلغني أن بينك وبين عمرو بن هشام حسن (1)، وأنا أستشفع بك إليه، فقام معه رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى بابه فقال له: قم يا أبا جهل فأد إلى الرجل حقه، وإنما كناه أبا جهل (2) ذلك اليوم، فقام مسرعا حتى أدى إليه حقه، فلما رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه: فعلت ذلك فرقا (3) من محمد، قال: ويحكم أعذروني، إنه لما أقبل رأيت عن يمينه رجالا بأيديهم حراب تتلألأ، وعن يساره ثعبانان (4) تصطك أسنانهما، وتلمع النيران من أبصارهما، لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا (5) بالحراب بطني، ويقضمني الثعبانان، هذا أكبر مما أعطي موسى عليه السلام، ثعبان بثعبان موسى عليه السلام، وزاد الله محمدا صلى الله عليه وآله ثعبانا وثمانية أملاك معهم الحراب، ولقد كان النبي صلى الله عليه وآله يؤذي قريشا بالدعاء، فقام يوما فسفه أحلامهم (6)، وعاب دينهم و، شتم أصنامهم، وضلل آباءهم، فاغتموا من ذلك غما شديدا، فقال أبو جهل: والله للموت خير لنا من الحياة، فليس فيكم معاشر قريش أحد يقتل محمدا صلى الله عليه وآله فيقتل به؟ فقالوا له:
لا، قال: فأنا أقتله، فإن شاءت بنو عبد المطلب قتلوني به، وإلا تركوني، قالوا: إنك