إنما بعثت رحمة رب اهد أمتي فإنهم لا يعلمون، ويحك يا يهودي إن نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم رقة القرابة، وأظهر عليهم شفقة فقال: " رب إن ابني من أهلي (1) " فقال الله تبارك اسمه: " إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح (2) " أراد جل ذكره أن يسليه بذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله لما علنت من قومه المعاندة (3) شهر عليهم سيف النقمة، ولم تدركه فيهم رقة القرابة، ولم ينظر إليهم بعين مقة.
قال له اليهودي: فإن نوحا دعا ربه فهطلت له السماء بماء منهمر (4).
قال له عليه السلام: لقد كان كذلك، وكانت دعوته دعوة غضب، ومحمد صلى الله عليه وآله هطلت له السماء بماء منهمر رحمة إنه صلى الله عليه وآله (5) لما هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة فقالوا له: يا رسول الله احتبس القطر، واصفر العود، وتهافت الورق (6)، فرفع يده المباركة حتى رئي بياض إبطيه، وما ترى في السماء سحابة فما برح حتى سقاهم الله، حتى أن الشاب المعجب بشبابه لتهمه نفسه في الرجوع إلى منزله، فما يقدر من شدة السيل، فدام أسبوعا فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا: يا رسول الله لقد تهدمت الجدر، واحتبس الركب والسفر فضحك صلى الله عليه وآله وقال: " هذه سرعة ملالة ابن آدم " ثم قال: " اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم في أصول الشيح، ومراتع البقع " فرئي حوالي المدينة المطر يقطر قطرا، وما يقع في المدينة قطرة لكرامته على الله عز وجل.
قال له اليهودي: فإن هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح، فهل فعل بمحمد صلى الله عليه وآله شيئا من هذا؟ قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي