بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٢٧٦
إنما بعثت رحمة رب اهد أمتي فإنهم لا يعلمون، ويحك يا يهودي إن نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم رقة القرابة، وأظهر عليهم شفقة فقال: " رب إن ابني من أهلي (1) " فقال الله تبارك اسمه: " إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح (2) " أراد جل ذكره أن يسليه بذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله لما علنت من قومه المعاندة (3) شهر عليهم سيف النقمة، ولم تدركه فيهم رقة القرابة، ولم ينظر إليهم بعين مقة.
قال له اليهودي: فإن نوحا دعا ربه فهطلت له السماء بماء منهمر (4).
قال له عليه السلام: لقد كان كذلك، وكانت دعوته دعوة غضب، ومحمد صلى الله عليه وآله هطلت له السماء بماء منهمر رحمة إنه صلى الله عليه وآله (5) لما هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة فقالوا له: يا رسول الله احتبس القطر، واصفر العود، وتهافت الورق (6)، فرفع يده المباركة حتى رئي بياض إبطيه، وما ترى في السماء سحابة فما برح حتى سقاهم الله، حتى أن الشاب المعجب بشبابه لتهمه نفسه في الرجوع إلى منزله، فما يقدر من شدة السيل، فدام أسبوعا فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا: يا رسول الله لقد تهدمت الجدر، واحتبس الركب والسفر فضحك صلى الله عليه وآله وقال: " هذه سرعة ملالة ابن آدم " ثم قال: " اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم في أصول الشيح، ومراتع البقع " فرئي حوالي المدينة المطر يقطر قطرا، وما يقع في المدينة قطرة لكرامته على الله عز وجل.
قال له اليهودي: فإن هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالريح، فهل فعل بمحمد صلى الله عليه وآله شيئا من هذا؟ قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله أعطي

(١) هود ٤٥.
(٢) هود: ٤٦.
(3) في المصدر: لما غلبت عليه من قومه المعاندة.
(4) هطل المطر: نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر والمنهمر: الغزير، أي ماء شديد الأنصاب سريع التهطال.
(5) في المصدر: وذلك أنه عليه السلام.
(6) أي تساقطت.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390