ذلك قبله، فإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشر.
قال له اليهودي: فإن موسى عليه السلام قد ظلل عليه الغمام.
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، وقد فعل ذلك لموسى عليه السلام في التيه، وأعطي محمد صلى الله عليه وآله أفضل من هذا، إن الغمامة كانت تظلله من يوم ولد إلى يوم قبض في حضره و أسفاره، فهذا أفضل مما أعطي موسى عليه السلام.
قال له اليهودي: فهذا داود عليه السلام قد ألان الله (1) عز وجل له الحديد، فعمل منه الدروع.
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد أعطي ما هو أفضل منه، إنه لين الله عز وجل له الصم الصخور الصلاب، وجعلها (2) غارا، ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته.
قال له اليهودي: فإن هذا داود عليه السلام بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه.
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي من شدة البكاء، وقد آمنه الله عز وجل من عقابه، فأراد أن يتخشع لربه ببكائه، ويكون إماما لمن اقتدى به، ولقد قام صلى الله عليه وآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه، واصفر وجهه، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عز وجل: " طه * ما أنزلنا عليك القرآن * لتشقى (3) " بل لتسعد به، ولقد كان يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله أليس الله عز وجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: بلى، أفلا أكون عبدا شكورا، ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل محمد صلى الله عليه وآله ما هو أفضل من هذا، إذ كنا معه على جبل