80 - الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبة له خاصة يذكر فيها حال النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وصفاتهم: فلم يمنع ربنا لحلمه وأناته (1) وعطفه ما كان من عظيم جرمهم وقبيح أفعالهم أن انتجب لهم أحب أنبيائه إليه، وأكرمهم عليه، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله في حومة العز مولده، وفي دومة الكرم محتده، غير مشوب حسبه، ولا ممزوج نسبه، ولا مجهول عند أهل العلم صفته، بشرت به الأنبياء في كتبها، ونطقت به العلماء بنعتها، و تأملته الحكماء بوصفها، مهذب لا يدانى، هاشمي لا يوازي أبطحي لا يسامي، شيمته الحياء، وطبيعته السخاء، مجبول على أوقار النبوة وأخلاقها، مطبوع على أوصاف الرسالة وأحلامها، إلى أن انتهت به أسباب مقادير الله إلى أوقاتها، وجرى بأمر الله القضاء فيه إلى نهاياتها، أداه محتوم قضاء الله إلى غاياتها، تبشر به كل أمة من بعدها، ويدفعه كل أب إلى أب من ظهر إلى ظهر، لم يخلطه في عنصره سفاح، ولم ينجسه في ولادته نكاح، من لدن آدم عليه السلام إلى أبيه عبد الله في خير فرقة، وأكرم سبط، وأمنع رهط (2) وأكلا حمل، وأودع حجر، اصطفاه الله وارتضاه واجتباه، وآتاه من العلم مفاتيحه، ومن الكرم ينابيعه، ابتعثه رحمة للعباد، وربيعا للبلاد، وأنزل الله إليه الكتاب، فيه البيان والتبيان: " قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون (3) " قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله، ودين قد أوضحه، وفرائض قد أوجبها، وحدود حدها للناس وبينها، وأمور قد كشفها لخلقه و أعلنها، فيها دلالة إلى النجاة، ومعالم تدعو إلى هداه (4)، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ما أرسل به، وصدع بما أمر، وأدى ما حمل من أثقال النبوة، وصبر لربه، وجاهد في سبيله، و نصح لامته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على الذكر، ودلهم على سبيل الهدى بمناهج و دواع أسس للعباد أساسها، ومنار رفع لهم أعلامها، كيلا يضلوا من بعده، وكان بهم رؤوفا رحيما (5).
(٣٦٩)