بالغيوب من قبل نفسه " إلا ما شاء الله " من ذلك فيلهمني إياه ويوفقني له " ولو كنت أعلم الغيب " أي لو كنت أعلمه لخالفت حالي ما هي عليه من استكثار المنافع واجتناب المضار حتى لا يمسني سوء، ويحتمل أن يكون المعنى لو كنت أعلم الغيب من قبل نفسي يغير وحي من الله لكنت أستعمله في جلب المنافع ودفع المضار، ولكني لما كنت أعلمه بالوحي لا جرم أني راض بقضائه تعالى، ولا أسعى في دفع ما أعلم وقوعه علي من المصائب بقضائه تعالى، فلا ينافي ما سيأتي أنهم عليهم السلام كانوا يعلمون ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، كذا خطر بالبال والله يعلم حقيقة الحال. " واذكروا " الخطاب للمهاجرين أو للعرب " إذا أنتم قليل مستضعفون " في أرض مكة تستضعفكم قريش أو العرب، كانوا أذلاء في أيدي الروم " تخافون أن يتخطفكم الناس " التخطف: الاخذ بسرعة، والناس: كفار قريش أو من عداهم، فإنهم كانوا جميعا معادين مضادين لهم " فآواكم إلى المدينة، أو جعل لكم مأوى يتحصنون به عن أعاديكم " وأيدكم بنصره " على الكفار، أو بمظاهرة الأنصار، أو بإمداد الملائكة يوم بدر " ورزقكم من الطيبات " يعني الغنائم أحلها لكم، ولم يحلها لاحد قبلكم، أو الأعم مما أعطاهم من الأطعمة اللذيذة " لعلكم تشكرون " هذه النعم " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " أي ما كان الله يعذب أهل مكة بعذاب الاستيصال وأنت مقيم بين أظهرهم لفضلك، ويحتمل الأعم، كما سيأتي في الاخبار أنه صلى الله عليه وآله و أهل بيته عليهم السلام أمان لأهل الأرض من عذاب الاستيصال " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " المراد باستغفارهم إما استغفار من بقي فيهم من المؤمنين لم يهاجروا، فلما خرجوا أذن الله في فتح مكة، أو الأعم بالنسبة إلى جميع أهل البلاد والأزمان " من يحادد الله " المحادة: المشاقة والمخالفة.
" لقد جاءكم رسول من أنفسكم " قال الطبرسي رحمه الله: القراءة المشهورة " من أنفسكم " بضم الفاء، وقرأ ابن عباس وابن علية وابن محيصن والزهري " من أنفسكم بفتح الفاء، وقيل: إنها قراءة فاطمة عليه السلام (1)، أي من أشرافكم ومن خياركم، وعلى