على جميع الخلائق، يسأل فيعطى، ويشفع فيشفع، وقد أجمع المفسرون على أن المقام المحمود هو مقام الشفاعة، وهو المقام الذي يشفع فيه للناس، وهو المقام الذي يعطى فيه لواء الحمد، فيوضع في كفه، وتجتمع تحته الأنبياء والملائكة، فيكون صلى الله عليه وآله أول شافع وأول مشفع " وقل " يا محمد " رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق " المدخل والمخرج مصدر الادخال والاخراج، فالتقدير أدخلني إدخال صدق، وأخرجني إخراج صدق، وفي معناه أقول:
أحدها: أن المعنى أدخلني في جميع ما أرسلتني به إدخال صدق، وأخرجني منه سالما إخراج صدق (1).
وثانيها: أدخلني المدينة، وأخرجني منها إلى مكة للفتح.
وثالثها: أنه امر بهذا الدعاء إذا دخل في أمر، أو خرج من أمر، والمراد أدخلني في كل أمر مدخل صدق.
ورابعها: أدخلني القبر مدخل صدق، وأخرجني منه عند البعث مخرج صدق، و مدخل الصدق: ما تحمد عاقبته في الدنيا والدين " واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " أي اجعل لي عزا أمتنع به ممن يحاول صدي عن إقامة فرائضك، وقوة تنصرني بها على من عاداني فيك، وقيل: اجعل لي ملكا عزيزا أقهر به العصاة، فنصر بالرعب حتى خافه العدو على مسيرة شهر، وقيل: حجة بينة أتقوى بها على سائر الأديان، وسماه نصيرا لأنه يقع به (2) النصرة على الأعداء فهو كالمعين " وقل جاء الحق " أي ظهر الحق وهو الاسلام والدين " وزهق " أي بطل " الباطل " وهو الشرك، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وآله مكة، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " أورده البخاري في الصحيح، قال الكلبي: فجعل (3) ينكب لوجهه إذا قال ذلك، وأهل مكة يقولون: ما رأينا رجلا