أسحر من محمد " إن الباطل كان زهوقا " أي مضمحلا ذاهبا هالكا لا ثبات له (1).
وفي قوله تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ": أي نعمة عليهم، قال ابن عباس:
رحمة للبر والفاجر والمؤمن والكافر، فهو رحمة للمؤمن في الدنيا والآخرة، ورحمة للكافر بأن عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والمسخ، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية: هل أصابك من هذه الرحمة شئ؟ قال: نعم، إي كنت أخشى عاقبة الامر فآمنت بك لما أثنى (2) علي بقوله: " ذي قوة عند ذي العرش مكين (3) " وقد قال صلى الله عليه وآله: " إنما أنا رحمة مهداة " وقيل: إن الوجه في أنه نعمة على الكافر أنه عرضه للايمان والثواب الدائم وهداه وإن لم يهتد، كمن قدم الطعام إلى جائع فلم يأكل فإنه منعم عليه وإن لم يقبل (4).
وفي قوله تعالى: " النبي صلى الله عليه وآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم ": قيل: فيه أقوال:
أحدها: أنه أحق بتدبيرهم، وحكمه عليهم أنفذ من حكمهم على أنفسهم لوجوب طاعته (5).
وثانيها: أنه أولى بهم في الدعوة، فإذا دعاهم النبي صلى الله عليه وآله إلى شئ ودعتهم أنفسهم إلى شئ كانت طاعته أولى لهم من طاعة أنفسهم (6).
وثالثها أن حكمه أنفذ عليهم من حكم بعضهم على بعض، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله لما أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج قال قوم: نستأذن آباءنا وأمهاتنا، فنزلت.
وروي عن أبي وابن مسعود وابن عباس أنهم كانوا يقرؤون: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم " وكذلك هو في مصحف أبي، وروي ذلك عن