كالجدران والأبنية التي لا يخاف الطير وقوعا عليها، قال الشاعر:
إذا حلت بيوتهم (1) عكاظا * حسبت على رؤوسهم الغرابا معناه لسكونهم تسقط الغربان على رؤوسهم، وخص بالغراب لأنه من أشد الطير حذرا، وقوله: ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، معناه من صح عنده إسلامه حسن موقع ثنائه عليه عنده، ومن استشعر منه نفاقا وضعفا في ديانته ألقى ثنائه عليه ولم يحفل به (2)، وقوله: إذا جاءكم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه، معناه فأعينوه واسعفوه على طلبته، يقال: رفدت الرجل رفدا بفتح الراء في المصدر، والرفد بكسر الراء الاسم، يعني به الهبة والعطية، تم الخبر بتفسيره والحمد لله كثيرا (3).
بيان: أقول: هذا الخبر من الاخبار المشهورة، روته العامة في أكثر كتبهم، قوله:
فخما مفخما، قال الجزري وغيره: أي عظيما معظما في الصدور والعيون، ولم تكن خلقته في جسمه الضخامة، وقيل: الفخامة في وجهه نبله (4)، وامتلاؤه مع الجمال والمهابة، والمربوع: الذي ليس بالطويل ولا بالقصير، وقالوا: المشذب هو الطويل البائن الطول مع نقص في لحمه، وأصله من النخلة الطويلة التي شذب عنها جريدها، أي قطع وفرق، وأوال كسحاب جزيرة بالبحرين، قوله: رجل الشعر، أي لم يكن شديد الجعودة، ولا شديد السبوطة، بل بينهما، قوله: إن انفرقت عقيقته، قال الحسين بن مسعود الفراء في شرح السنة: العقيقة اسم لشعر على المولود حين يولد، سمي عقيقة لأنه يحلق، وأصل العق:
الشق والقطع، ومنه قيل للذبيحة عند الولادة: عقيقة، لأنه يشق حلقومها، ثم قيل للشعر الذي ينبت بعد ذلك عقيقة أيضا على الاستعارة، وذلك معناه هاهنا يقول: إن انفرق شعر رأسه من ذات نفسه فرقه في مفرقه، وإن لم ينفرق تركه وفرة واحدة على حالها، يقال: فرقت الشعر أفرقه فرقا، وقيل: العقيقة: اسم الشعر قبل أن يحلق، فإذا حلق ثم نبت