ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، (1) يفتتح الكلام، ويختمه بأشداقه (2)، يتكلم بجوامع الكلم فصلا، لا فضول فيه ولا تقصير، دمثا ليس بالجافي ولا بالمهين، تعظم عنده النعمة وإن ذقت، لا يذم منها شيئا غير أنه كان لا يذم ذواقا (3) ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له (4) إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، يضرب (5) براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه (6)، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حب الغمام (7).
قال الحسن: فكتمتها (8) الحسين زمانا، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه، وسأله عما سألته عنه، ووجدته (9) قد سأل أباه عن مدخل النبي صلى الله عليه وآله ومخرجه، و مجلسه وشكله، فلم يدع منه شيئا، قال الحسين عليه السلام: سألت أبي عليه السلام عن مدخل رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله. وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة، ولا يدخر (10) عنهم منه شيئا، وكان من سيرته في جزء