العدة، يعني أنه أعد للأمور أشكالها ونظائرها، ومن رواه ولا يقيد من أحد عثرة، بالدال أي من جنى (1) عليه جناية اغتفرها وصفح عنها تصفحا وتكرما، إذا كان تعطيلها لا يضيع من حقوق الله شيئا، ولا يفسد متعبدا به ولا مفترضا، ومن رواه يقيل باللام ذهب إلى أنه صلى الله عليه وآله لا يضيع حقوق الناس التي يجب (2) لبعضهم على بعض.
وقوله: ثم يرد ذلك بالخاصة على العامة (3)، معناه أنه كان يعتمد في هذه الحال على أن الخاصة يرفع إلى العامة علومه وآدابه وفوائده، وفيه قول آخر: فيرد ذلك بالخاصة على العامة أن يجعل (4) المجلس للعامة بعد الخاصة فتنوب الباء عن " من " و " على " عن " إلى " لقيام بعض الصفات مقام بعض، وقوله: يدخلون روادا، الرواد جمع رائد، وهو الذي يتقدم القوم إلى المنزل يرتاد لهم الكلآء، يعني أنهم ينفعون بما يسمعون من النبي صلى الله عليه وآله من ورائهم كما ينفع الرائد من خلفه، وقوله: ولا يفترقون إلا عن ذواق، معناه عن علوم يذوقون من حلاوتها ما يذاق من الطعام المشتهى، والأدلة: التي تدل الناس على أمور دينهم، وقوله: ولا تؤبن فيه الحرم، أي لا تعاب، أبنت الرجل فأنا آبن والمأبون:
المعيب، والابنة: العيب، قال أبو الدرداء: إن نؤبن بما ليس فينا فربما زكينا بما ليس عندنا، ولعل ذا أن يكون بذلك، معناه إن نعيب بما ليس فينا، قال الأعشى:
سلاجم كالنخل ألبستها * قضيب سراء قليل الابن وقوله: ولا تنثى فلتأته، معناه من غلط فيه غلطة لم يشنع (5) ولم يتحدث بها، يقال: نثوت الحديث أنثوه نثوا: إذا حدثت به، وقوله: إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير، معناه أنهم كانوا لاجلالهم نبيهم صلى الله عليه وآله لا يتحركون، فكانت صفتهم صفة من على رأسه طائر يريد أن يصيده، فهو يخاف إن تحرك طيران الطائر وذهابه، وفيه قول آخر: إنهم كانوا يسكنون ولا يتحركون حتى يصيروا بذلك عند الطائر