وقوله: " خاسئين " أي مبعدين عن الخير، وقيل: أذلاء صاغرين مطرودين. (1) وقال رحمه الله في قوله تعالى: " واسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر " أي مجاورة البحر وقريبة منه وهي أبلة (2) عن ابن عباس، وقيل: هي مدين، عنه أيضا، وقيل: الطبرية، عن الزهري " إذ يعدون في السبت " أي يظلمون فيه بصيد السمك، و يتجاوزون الحد في أمر السبت " إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا " أي ظاهرة على وجه الماء، عن ابن عباس، وقيل: متتابعة، عن الضحاك، وقيل: رافعة رؤوسها، قال الحسن: كانت تشرع إلى أبوابهم مثل الكباش البيض لأنها كانت آمنة يومئذ " ويوم لا يسبتون لا تأتيهم " أي ويوم لا يكون السبت كانت تغوص في الماء. واختلف في أنهم كيف اصطادوا فقيل:
إنهم ألقوا الشبكة في الماء يوم السبت حتى كان يقع فيها السمك، ثم كانوا لا يخرجون الشبكة من الماء إلا يوم الأحد وهذا تسبب محظور، وفي رواية عكرمة عن ابن عباس:
اتخذوا الحياض فكانوا يسوقون الحيتان إليها ولا يمكنها الخروج منها فيأخذونها يوم الأحد ، وقيل: إنهم اصطادوها وتناولوها باليد في يوم السبت " كذلك نبلوهم " أي مثل ذلك الاختبار الشديد نختبرهم " بما كانوا يفسقون " أي بفسقهم وعصيانهم، وعلى المعنى الآخر لا تأتيهم الحيتان مثل ذلك الاتيان الذي كان منها يوم السبت، ثم استأنف فقال:
" نبلوهم ".
" وإذ قالت أمة " أي جماعة منهم أي من بني إسرائيل الذين لم يصطادوا وكانوا ثلاث فرق: فرقة قانصة، (3) وفرقة ساكتة، وفرقة واعظة، فقال الساكتون للواعظين الناهين: " لم تعظون قوما الله مهلكهم " أي يهلكهم الله. ولم يقولوا ذلك كراهية لوعظهم ولكن لاياسهم أن يقبل هؤلاء القوم الوعظ، فإن الامر بالمعروف إنما يجب عند عدم اليأس عن القبول، عن الجبائي، ومعناه: ما ينفع الوعظ ممن لا يقبل، والله مهلكهم في الدنيا بمعصيتهم " أو معذبهم عذابا شديدا " في الآخرة " قالوا " أي قال الواعظون في جوابهم