فلما رجع دقيوس (1) من عيده سأل عن الفتية فأخبر أنهم خرجوا هرابا فركب في ثمانين ألف حصان، (2) فلم يزل يقفو أثرهم حتى علا فانحط إلى كهفهم فلما نظر إليهم إذا هم نيام، فقال الملك: لو أردت أن أعاقبهم بشئ لما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا به أنفسهم، و لكن ايتوني بالبنائين فسد باب الكهف بالكلس والحجارة، وقال لأصحابه: قولوا لهم:
يقولوا لإلههم الذي في السماء لينجيهم وأن يخرجهم من هذا الموضع.
قال علي عليه السلام: يا أخا اليهود فمكثوا ثلاث مائة سنة وتسع سنين، فلما أراد الله أن يحييهم أمر إسرافيل الملك أن ينفخ فيهم الروح، فنفخ فقاموا من رقدتهم، فلما أن بزغت الشمس قال بعضهم: قد غفلنا في هذه الليلة عن عبادة إله السماء، فقاموا فإذا العين قد غارت، وإذا الأشجار قد يبست، فقال بعضهم: إن أمورنا لعجب، مثل تلك العين الغزيرة قد غارت والأشجار قد يبست في ليلة واحدة! ومسهم الجوع فقالوا: ابعثوا بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا، قال تمليخا: لا يذهب في حوائجكم غيري، ولكن ادفع أيها الراعي ثيابك إلي، قال:
فدفع الراعي ثيابه ومضى يؤم المدينة، فجعل يرى مواضع لا يعرفها، وطريقا هو ينكرها حتى أتى باب المدينة وإذا عليه علم أخضر مكتوب عليه: لا إله إلا الله عيسى رسول الله، قال:
فجعل ينظر إلى العلم وجعل يمسح عينيه ويقول: أراني نائما، ثم دخل المدينة حتى أتى السوق فأتى رجلا خبازا فقال: أيها الخباز ما اسم مدينتكم هذه؟ قال: أقسوس قال: وما اسم ملككم؟ قال: عبد الرحمن، قال: ادفع إلي بهذه الورق طعاما، فجعل الخباز يتعجب من ثقل الدراهم ومن كبرها. قال فوثب اليهودي وقال: يا علي وما كان وزن كل درهم منها؟ قال: وزن كل درهم عشرة دراهم وثلثي درهم، (3) فقال الخباز: يا هذا أنت أصبت كنزا؟ فقال تمليخا: ما هذا إلا ثمن تمر بعتها منذ ثلاث، وخرجت من هذه