بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٤ - الصفحة ٣٩٣
علم ولا حكم، وكان روبيل صاحب غنم يرعاها ويتقوت منها، وكان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه ويأكل من كسبه، وكان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم روبيل وحكمته وقديم صحبته، فلما رأى يونس عليه السلام أن قومه لا يجيبونه ولا يؤمنون به ضجر وعرف من نفسه قلة الصبر فشكا ذلك إلى ربه، وكان فيما شكا أن قال: يا رب إنك بعثتني إلى قومي ولي ثلاثون سنة، فلبثت فيهم أدعوهم إلى الايمان بك، والتصديق برسالاتي، وأخوفهم عذابك ونقمتك ثلاثا وثلاثين سنة فكذبوني ولم يؤمنوا بي، وجحدوا نبوتي واستخفوا برسالاتي، وقد تواعدوني وخفت أن يقتلوني، فأنزل عليهم عذابك فإنهم قوم لا يؤمنون.
قال: فأوحى الله إلى يونس أن فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير و المرأة الضعيفة والمستضعف المهين، وأنا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبي، لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك، وهم يا يونس عبادي وخلقي وبريتي في بلادي وفي عيلتي أحب أن أتأناهم وأرفق بهم وأنتظر توبتهم، وإنما بعثتك إلى قومك لتكون حيطا عليهم، تعطف عليهم بالرحم الماسة منهم، وتأناهم برأفة النبوة، وتصبر معهم بأحلام الرسالة، وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوي، العالم بمداواة الداء، فخرقت بهم، (1) ولم تستعمل قلوبهم بالرفق، ولم تسسهم بسياسة المرسلين، ثم سألتني عن سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر منك، وعبدي نوح كان أصبر منك على قومه، وأحسن صحبة وأشد تأنيا في الصبر عندي، وأبلغ في العذر، فغضبت له حين غضب لي وأجبته حين دعاني.
فقال يونس: يا رب إنما غضبت عليهم فيك، وإنما دعوت عليهم حين عصوك، فوعزتك لا أتعطف عليهم برأفة أبدا، ولا أنظر إليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم وتكذيبهم إياي وجحدهم بنبوتي، فأنزل عليهم عذابك فإنهم لا يؤمنون أبدا، فقال الله: يا يونس إنهم مائة ألف أو يزيدون من خلقي، يعمرون بلادي، ويلدون عبادي، ومحبتي أن

(1) أي لم تتصرف فيهم حسن التصرف. ويمكن أن يكون مصحف " حزقت " بالزاي من حزق الوتر أو الرباط: جذبه وشده. وحزق الشئ: عصره وضغطه فيكون كناية عن التشديد في أمرهم.
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 عمر داود عليه السلام ووفاته وفضائله وما أعطاه الله ومنحه، وعلل تسميته وكيفية حكمه وقضائه، وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 2 قصة داود عليه السلام واوريا، وما صدر عنه من ترك الأولى، وما جرى بينه وبين حزقيل عليهما السلام، وفيه ثمانية أحاديث. 19
4 باب 3 ما أوحي إلى داود عليه السلام وصدر عنه من الحكم، وفيه 33 حديثا. 33
5 باب 4 قصة أصحاب السبت، وفيه 15 حديثا. 49
6 باب 5 فضل سليمان بن داود ومكارم أخلاقه وجمل أحواله عليه السلام، وفيه 29 حديثا 65
7 باب 6 معنى قول سليمان عليه السلام: (رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي) وفيه حديثان. 85
8 باب 7 قصة مرور سليمان عليه السلام بوادي النمل وتكلمه معها، وسائر ما وصل إليه من أصوات الحيوانات، وفيه أربعة أحاديث. 90
9 باب 8 تفسير قوله تعالى: (فطفق مسحا بالسوق والأعناق) وقوله: (وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) وفيه حديث. 98
10 باب 9 قصة سليمان عليه السلام مع بلقيس، وفيه 14 حديثا. 109
11 باب 10 ما أوحي إلى سليمان عليه السلام وصدر عنة من الحكم، وفيه قصة نقش الغنم، وفيه تسعة أحاديث. 130
12 باب 11 وفاة سليمان عليه السلام وما كان بعده، وفيه تسعة أحاديث. 135
13 باب 12 قصة قوم سبأ وأهل الثرثار، وفيه ثلاثة أحاديث. 143
14 باب 13 قصة أصحاب الرس وحنظلة، وفيه سبعة أحاديث. 148
15 باب 14 قصة شعيا وحيقوق عليهما السلام، وفيه ثلاثة أحاديث. 161
16 باب 15 قصص زكريا ويحيى عليهما السلام، وفيه 42 حديثا. 163
17 باب 16 قصص مريم وولادتها وبعض أحوالها وأحوال أبيها عمران، وفيه 23 حديثا. 191
18 باب 17 ولادة عيسى عليه السلام، وفيه 32 حديثا. 206
19 باب 18 فضل عيسى عليه السلام ورفعة شأنه ومعجزاته وتبليغه ومدة عمره ونقش خاتمه وجمل أحواله، وفيه 56 حديثا. 230
20 باب 19 ما جرى بين عيسى عليه السلام وبين إبليس لعنه الله، وفيه أربعة أحاديث 270
21 باب 20 حواري عيسى وأصحابه، وأنهم لم سموا حواريين، وأنه لم سمي النصارى نصارى، وفيه 21 حديثا. 272
22 باب 21 مواعظ عيسى عليه السلام وحكمه وما أوحي إليه، وفيه 72 حديثا. 283
23 باب 22 تفسير الناقوس، وفيه حديث. 334
24 باب 23 رفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وفيه 15 حديثا. 335
25 باب 24 ما حدث بعد رفع عيسى عليه السلام وزمان الفترة بعده، ونزوله من السماء، وقصص وصيه شمعون بن حمون الصفا، وفيه 13 حديثا. 345
26 باب 25 قصص أرميا ودانيال وعزير وبخت نصر، وفيه 25 حديثا. 351
27 باب 26 قصص يونس عليه السلام وأبيه متى، وفيه 17 حديثا. 379
28 باب 27 قصة أصحاب الكهف والرقيم، وفيه 15 حديثا. 407
29 باب 28 قصة أصحاب الأخدود، وفيه خمسة أحاديث. 438
30 باب 29 قصة جرجيس عليه السلام، وفيه حديث. 445
31 باب 30 قصة خالد بن سنان العبسي عليه السلام، وفيه أربعة أحاديث. 448
32 باب 31 ما ورد بلفظ نبي من الأنبياء وبعض نوادر أحوالهم وأحوال أممهم، وفيه ذكر نبي المجوس، وفيه 39 حديثا. 451
33 باب 32 نوادر أخبار بني إسرائيل، وفيه 39 حديثا. 486
34 باب 33 بعض أحوال ملوك الأرض، وفيه ستة أحاديث. 513