وثالثها: أنهم كانوا صيادين يصيدون السمك، عن ابن عباس والسدي.
ورابعها: أنهم كانوا خاصة الأنبياء، عن قتادة والضحاك، وهذا أوجه لأنهم مدحوا بهذا الاسم كأنه ذهب إلى نقاء قلوبهم كنقاء الثوب الأبيض بالتحوير، وقال الحسن: الحواري: الناصر، والحواريون: الأنصار، وقال الكلبي: الحواريون:
أصفياء عيسى عليه السلام وكانوا اثني عشر رجلا، وقال عبد الله بن المبارك: سموا حواريين لأنهم كانوا نورانيين، عليهم أثر العبادة ونورها وحسنها، كما قال تعالى: " سيماهم في وجوههم من أثر السجود (1) ".
" نحن أنصار الله " معناه: نحن أعوان الله على الكافرين من قومك، أي أعوان رسول الله أو أعوان دين الله " آمنا بالله " أي صدقنا أنه واحد لا شريك له " واشهد " يا عيسى " بأنا مسلمون " أي كن شهيدا لنا عند الله، اشهدوه على إسلامهم لان الأنبياء شهداء الله على خلقه يوم القيامة، كما قال سبحانه: " ويوم نبعث من كل أمة شهيدا (2) ".
" ربنا " أي يا ربنا " آمنا بما أنزلت " على عيسى " واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين " أي في جملة الشاهدين بجميع ما أنزلت لنفوز بما فازوا به، وننال ما نالوا من كرامتك، وقيل: معناه: واجعلنا مع محمد صلى الله عليه وآله وأمته، عن ابن عباس، وقد سماهم الله شهداء بقوله: " لتكونوا شهداء على الناس (3) " أي من الشاهدين بالحق من عندك، هذا كله حكاية قول الحواريين.
وروي أنهم اتبعوا عيسى وكانوا إذا جاعوا قالوا: يا روح الله جعنا، فيضرب بيده على الأرض سهلا كان أو جبلا فيخرج لكل إنسان منهم رغيفين يأكلهما، فإذا عطشوا قالوا: يا روح الله عطشنا، فيضرب بيده على الأرض سهلا كان أو جبلا فيخرج ماء فيشربون قالوا: يا روح الله من أفضل منا؟ إذا شئنا أطعمتنا وإذا شئنا سقيتنا، وقد آمنا بك و اتبعناك، قال: أفضل منكم من يعمل بيده، ويأكل من كسبه، فصاروا يغسلون الثياب بالكراء. (4)