الموضع بأنها فاعلة صد، وقيل: معناه: وصدها سليمان عما كانت تعبده من دون الله، و حال بينها وبينه، ومنعها عنه، فعلى هذا تكون " ما " في موضع النصب، وقيل: معناه منعها الايمان والتوحيد عن الذي كانت تعبده من دون الله وهو الشمس، ثم استأنف فقال:
" إنها كانت من قوم كافرين " أي من قوم يعبدون الشمس قد نشأت فيما بينهم فلم تعرف إلا عبادة الشمس " قيل لها ادخلي الصرح " والصرح هو الموضع المنبسط المنكشف من غير سقف.
وذكر أن سليمان عليه السلام لما أقبلت صاحبة سبأ أمر الشياطين ببناء الصرح، وهو كهيئة السطح المنبسط من قوارير أجري تحته الماء، وجمع في الماء الحيتان والضفادع و دواب البحر ثم وضع له فيه سرير فجلس عليه، وقيل: إنه قصر من زجاج كأنه الماء بياضا، وقال أبو عبيدة: كل بناء من زجاج أو صخر أو غير ذلك مونق (1) فهو صرح، وإنما أمر سليمان عليه السلام بالصرح لأنه أراد أن يختبر عقلها وينظر هل تستدل على معرفة الله تعالى بما ترى من هذه الآية العظيمة؟ وقيل: إن الجن والشياطين خافت أن يتزوجها سليمان عليه السلام فلا ينفكون من تسخير سليمان وذريته بعده لو تزوجها وذلك أن أمها كانت جنية فأساؤوا الثناء عليها ليزهدوه فيها وقالوا: إن في عقلها شيئا، وإن رجلها كحافر الحمار، فلما امتحن ذلك وجدها على خلاف ما قيل، وقيل: إنه ذكر له أن على رجليها شعرا، فلما كشفته بان الشعر فساءه ذلك، فاستشار الجن في ذلك فعملوا الحمامات، وطبخوا له النورة والزرنيخ، وكان أول ما صنعت النورة " فلما رأته " أي رأت بلقيس الصرح " حسبته لجة " وهي معظم الماء " وكشفت عن ساقيها " لدخول الماء، وقيل: إنها لما رأت الصرح قالت: ما وجد ابن داود عذابا يقتلني به إلا الغرق؟! وأنفت أن تجئ فلا تدخل (2) ولم يكن من عادتهم لبس الخفاف فلما كشفت عن ساقيها قال لها سليمان: " إنه صرح ممرد " أي مملس " من قوارير " وليس بماء، ولما رأت سرير سليمان والصرح " قالت رب