بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٤ - الصفحة ١١٩
تعلوا علي وأتوني مسلمين " فإن هذا القدر جملة ما في الكتاب " يا أيها الملا أفتوني في أمري " اي أشيروا علي بالصواب " ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون " أي ما كنت ممضية أمرا حتى تحضرون، (1) وهذا ملاطفة منها لقومها، قالوا لها في الجواب: " نحن أولوا قوة " أي أصحاب قوة وقدرة وأهل عدد " وأولوا بأس شديد " أي وأصحاب شجاعة شديدة " والامر إليك " أي أن الامر مفوض إليك في القتال وتركه " فانظري ماذا تأمرين " أي ما الذي تأمريننا به لنمتثله، فإن أمرت بالصلح صالحنا وإن أمرت بالقتال قاتلنا، قالت مجيبة لهم عن التعريض بالقتال: " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها " أي إذا دخلوها عنوة عن قتال وغلبة أهلكوها وخربوها " وجعلوا أعزة أهلها أذلة " أي أهانوا أشرافها وكبراءها كي يستقيم لهم الامر، والمعنى أنها حذرتهم مسير سليمان إليهم و دخوله بلادهم وانتهى الخبر عنها وصدقها الله فيما قالت فقال: " وكذلك " أي وكما قالت هي " يفعلون " وقيل: إن الكلام متصل بعضه ببعض " وكذلك يفعلون " من قولها " وإني مرسلة إليهم " أي إلى سليمان عليه السلام وقومه " بهدية " أصانعه بذلك عن ملكي " فناظرة " أي منتظرة " بم يرجع المرسلون " بقبول أم رد، وإنما فعلت ذلك لأنها عرفت عادة الملوك في حسن موقع الهدايا عندهم، وكان غرضها أن يتبين لها بذلك أنه ملك أو نبي، فإن قبل الهدية تبين أنه ملك وعندها ما يرضيه، وإن ردها تبين أنه نبي.
واختلف في الهدية فقيل: أهدت إليه وصفاء ووصائف (2) ألبستهم لباسا واحدا حتى لا يعرف ذكر من أنثى، عن ابن عباس، وقيل: أهدت مائتي غلام ومائتي جارية ألبست الغلمان لباس الجواري وألبست الجواري لباس الغلمان، عن مجاهد، وقيل: أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج، فلما بلغ ذلك سليمان عليه السلام أمر الجن فموهوا له الآجر بالذهب ثم أمر به فألقي في الطريق، فلما جاؤوا رأوه ملقى في الطريق في كل مكان فلما رأوا ذلك صغر في أعينهم ما جاؤوا به، عن ثابت البناني، وقيل: إنها عمدت

(1) في المصدر هنا زيادة وهي: تريد: الا بحضرتكم ومشورتكم، وهذا ملاطفة منها لقومها في الاستشارة منهم لما تعمل عليه.
(2) وصفاء جمع الوصيف: الغلام دون المراهق. ووصائف جمع الوصيفة مؤنث الوصيف.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست