بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٨٥
بشأنه، قال: فما قال لك؟ قالت: قال لي: اقرئي زوجك السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه، فطلقها وتزوج أخرى، (1) فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل فأذنت له واشترطت عليه أن لا ينزل، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: يتصيد وهو يجئ الان إن شاء الله فأنزل يرحمك الله، قال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم، فجاءت باللبن واللحم فدعا لها بالبركة، فلو جاءت يومئذ بخبز برا وشعيرا وتمرا لكان أكثر أرض الله برا وشعيرا وتمرا، فقالت له: انزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل فجاءت بالمقام فوضعته على شقة الأيمن فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه عليه، فغلست شق رأسه الأيمن، ثم حولت المقام إلى شق رأسه الأيسر فبقي أثر قدمه عليه، فغسلت شق رأسه الأيسر، فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام و قو لي له: قد استقامت عتبة بابك; فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ قالت: نعم شيخ أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا وقال لي كذا وكذا، و غسلت رأسه، وهذا موضع قدميه على المقام، قال لها إسماعيل: ذاك إبراهيم عليه السلام.
وقد روى هذه القصة علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن الصادق عليه السلام وإن اختلفت بعض ألفاظه، وقال في آخرها: إذا جاء زوجك فقولي له، قد جاء ههنا شيخ وهو يوصيك بعتبة بابك خيرا، قال فأكب إسماعيل على المقام يبكي ويقبله.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام إن إبراهيم عليه السلام استأذن سارة أن يزور إسماعيل فأذنت له على أن لا يلبث عنها وأن لا ينزل عن حماره، فقيل له: كيف كان ذلك؟ فقال: إن الأرض طويت له. وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الركن والمقام ياقوتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما، ولولا أن نورهما طمس لأضاء ما بين المشرق والمغرب.
أن " طهرا " أي قلنا لهما: طهرا بيتي، أضاف البيت إلى نفسه تفضيلا له على سائر البقاع. وفي التطهير وجوه:
أحدها: أن المراد: طهراه من الفرث والدم الذي كان المشركون تطرحه عند البيت قبل أن يصير في يد إبراهيم وإسماعيل. وثانيها: طهراه من الأصنام التي كانوا يعلقونها

(1) سماها اليعقوبي الحيفاء بنت مضاض الجرهمية.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست