بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٨١
إبراهيم؟ فقال: الذي خلقك وخلقني، فقال له إبراهيم: لقد أعجبني نحوك وأنا أحب أن أؤاخيك في الله، فأين منزلك إذا أردت زيارتك ولقاءك؟ فقال له الرجل: منزلي خلف النطفة (1) - وأشار بيده إلى البحر - وأما مصلاي فهذا الموضع تصيبني فيه إذا أردتني إن شاء الله. ثم قال الرجل لإبراهيم: لك حاجة؟ فقال إبراهيم عليه السلام: نعم، قال: وما هي؟
قال له تدعو الله وأؤمن على دعائك، أو أدعو أنا وتؤمن على دعائي، فقال له الرجل:
وفيم تدعو الله؟ قال له إبراهيم: للمذنبين المؤمنين، فقال الرجل: لا، فقال إبراهيم: ولم؟
فقال: لأني دعوت الله منذ ثلاث سنين بدعوة لم أر إجابتها إلى الساعة وأنا أستحيي من الله أن أدعوه بدعوة حتى أعلم أنه قد أجابني، فقال إبراهيم: وفيما دعوته؟ فقال له الرجل: إني لفي مصلاي هذا ذات يوم إذ مر بي غلام أروع، (2) النور يطلع من جبينه، له ذؤابة من خلفه، معه بقريسوقها، كأنما دهنت دهنا، وغنم يسوقها كأنما دخشت دخشا. قال: فأعجبني ما رأيت منه، فقلت: يا غلام لمن هذه البقر والغنم، فقال: لي، فقلت: ومن أنت؟ فقال: أنا إسماعيل بن إبراهيم خليل الله. فدعوت الله عند ذلك وسألته أن يريني خليله، فقال له إبراهيم:
فأنا إبراهيم خليل الرحمن وذلك الغلام ابني، فقال الرجل عند ذلك: الحمد لله رب العالمين، الذي أجاب دعوتي، قال: ثم قبل الرجل صفحتي وجه إبراهيم وعانقه، ثم قال: الان فنعم فادع حتى أؤمن على دعائك، فدعا إبراهيم للمؤمنين والمؤمنات من يومه ذلك إلى يوم القيامة بالمغفرة والرضى عنهم، وأمن الرجل على دعائه، فقال أبو جعفر عليه السلام: فدعوة إبراهيم بالغة للمذنبين المؤمنين من شيعتنا إلى يوم القيامة. (3) بيان: نحوك أي طريقتك في العبادة، أو قصدك، أو مثلك. والنطفة بالضم: البحر، و قيل: الماء الصافي قل أو كثر، والأروع من الرجال الذي يعجبك حسنه. قوله: (كأنما دهنت دهنا) كناية إما عن سمنها أي ملئت دهنا أو صفائها أي طليت به، يقال: دهنه أي طلاه بالدهن.
قوله: (كأنما دخست) في بعض النسخ بالخاء المعجمة والسين المهملة، قال الجوهري: الدخيس:

(1) في المصدر: خلف هذه النطفة. م (2) الأروع: من يعجبك بحسنه أو شجاعته.
(3) كمال الدين: 83 - 84. م
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست