بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٧٦
شعيب بن ميكيل (1) بن يشجب بن مدين بن إبراهيم، وأم ميكيل بنت لوط، وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، وهم أصحاب الأيكة; (2) وقال قتادة: ارسل شعيب مرتين: إلى مدين مرة، وإلى أصحاب الأيكة مرة " فأوفوا الكيل والميزان " أي أدوا حقوق الناس على التمام في المعاملات " ولا تبخسوا الناس أشياءهم " أي لا تنقصوهم حقوقهم " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها " أي لا تعملوا في الأرض بالمعاصي واستحلال المحارم بعد أن أصلحها الله بالأمر والنهي وبعثة الأنبياء; وقيل: لا تفسدوا بأن لا تؤمنوا فيهلك الله الحرث والنسل " ولا تقعدوا " فيه أقوال: أحدها أنهم كانوا يقعدون على طريق من قصد شعيبا للايمان به فيخوفونه بالقتل. وثانيها: أنهم كانوا يقطعون الطريق فنهاهم عنه.
وثالثها: أن المراد: لا تقعدوا بكل طريق من طرق الدين فتطلبون له العوج بإيراد الشبهة " وتصدون عن سبيل الله " أي تمنعون عن دين الله " من آمن به " أي من أراد الايمان " وتبغونها " أي السبيل " عوجا " بأن تقولوا: هو باطل " فكثركم " أي كثر عددكم، قال ابن عباس:
وذلك أن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت حتى كثر أولادها; وقيل: جعلكم أغنياء بعد أن كنتم فقراء " عاقبة المفسدين " أي فكروا في عواقب أمر عاد وثمود وقوم لوط " أو لتعودن في ملتنا " لأنه كان عندهم أنه كان قبل ذلك على دينهم، فلذلك أطلقوا لفظ العود، وقد كان يخفي دينه فيهم، ويحتمل أنهم أرادوا به قومه فأدخلوه معهم في الخطاب أو يراد بالعود الابتداء مجازا " قال " أي شعيب " أو لو كنا كارهين " أي أيعبدوننا في مثلكم ولو كنا كارهين للدخول فيها؟ " قد افترينا " أي إن عدنا في ملتكم بأن نحل ما تحلونه ونحرم ما تحرمونه وننسبه إلى الله تعالى بعد إذ نجانا الله منها بأن أقام الدليل وأوضح الحق لنا فقد اختلقنا على الله كذبا فيما دعوناكم إليه.
" وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا " فيه وجوه: أحدها: أن المراد بالملة الشريعة لا ما يرجع إلى الاعتقاد في الله سبحانه وصفاته، وفي شريعتهم أشياء يجوز أن

(1) في الطبري: ميكائيل. وفى العرائس: شعيب ابن ميكائيل بن يشجر، وقال: اسمه بالسريانية: يترون، وأمه ميكيل ابنة لوط.
(2) الأيكة الغيضة، وهي غيضة شجر قرب مدين، وقيل: هو الشجر الملتف.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست