من أيديهم وتنحوا به ناحية فقالوا: إما أن تقر لنا أنك عبد لنا فنبيعك بعض هذه السيارة أو نقتلك، فقال لهم يوسف عليه السلام: لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم، فأقبلوا به إلى السيارة فقالوا: منكم من يشتري منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما، وكان إخوته فيه من الزاهدين، وسار به الذي اشتراه من البدو حتى أدخله مصر فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر وذلك قول الله عز وجل: " وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أن نتخذه ولدا ".
قال أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين عليه السلام: ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجب، فقال: كان ابن تسع (1) سنين، فقلت: كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ فقال: مسيرة اثني عشر يوما، قال: وكان يوسف من أجمل أهل زمانه، فلما راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه، فقال لها: معاذ الله أنا من أهل بيت لا يزنون، فغلقت الأبواب عليها وعليه وقالت: لا تخف وألقت نفسها عليه، فأفلت منها (2) هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه، (3) فأفلت يوسف منها في ثيابه " وألفيا سيدها لدى الباب * قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم " قال: فهم الملك بيوسف ليعذبه فقال له يوسف: وإله يعقوب ما أردت بأهلك سوءا، بل هي راودتني عن نفسي، فاسأل هذا الصبي أينا راود صاحبه عن نفسه، قال: وكان عندها من أهلها صبي زائر (4) لها، فأنطق الله الصبي لفصل القضاء فقال: أيها الملك انظر إلى قميص يوسف فإن كان مقدودا من قدامه فهو الذي راودها، وإن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته، فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتص أفزعه ذلك فزعا شديدا فجئ بالقميص فنظر إليه فلما رآه مقدودا من خلفه قال لها: " إنه من كيد كن إن كيد كن عظيم " وقال ليوسف: " أعرض عن هذا " ولا يسمعه منك أحد واكتمه، قال: فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة حتى قلن نسوة منهن: امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه، فبلغها