إن جدي إبراهيم ألقاه نمرود ملك الدنيا في النار فلم يحترق وجعلها الله عليه بردا وسلاما وإن أبي إسحاق أمر الله جدي أن يذبحه بيده فلما أراد أن يذبحه فداه الله بكبش عظيم، وإنه كان لي ولد لم يكن في الدنيا أحد أحب إلي منه وكان قرة عيني وثمرة فؤادي فأخرجوه إخوته ثم رجعوا إلي وزعموا أن الذئب أكله فاحدودب (1) لذلك ظهري، وذهب من كثرة البكاء عليه بصري، وكان له أخ من أمه كنت آنس به فخرج مع إخوته إلى ما قبلك ليمتاروا لنا طعاما فرجعوا إلي وذكروا أنه سرق صواع الملك وقد حبسته، وإنا أهل بيت لا يليق بنا السرق ولا الفاحشة، وأنا أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلا مننت علي به وتقربت إلى الله ورددته إلي.
فلما ورد الكتاب إلى يوسف (2) أخذه ووضعه على وجهه وقبله وبكى بكاء شديدا ثم نظر إلى إخوته فقال لهم: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون " (3) " فقالوا أئنك لانت يوسف (4) قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق و يصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " فقالوا له كما حكى الله عز وجل: " لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين * قال لا تثريب عليكم اليوم " أي لا تخليط " يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين " قال: فلما ولى الرسول إلى الملك بكتاب يعقوب رفع يعقوب يده إلى السماء (5) فقال: يا حسن الصحبة، يا كريم المعونة، يا خير إله ائتني بروح منك (6) وفرج من عندك " فهبط جبرئيل عليه فقال له: يا يعقوب ألا أعلمك دعوات يرد الله عليك بصرك وابنيك؟