بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٩
بيان: بينه وبين خبر الشامي تناف ظاهرا، ويمكن الجمع بأن يكون المراد به أن سائر الأنبياء غير اولي العزم لم يكونوا يحتاجون إلى الختان فكيف يحتاج إبراهيم إليه مع أنه ولد مختونا؟ ويحتمل أن يكون تبقى لغلفهم بقية تسقط في اليوم السابع.
23 - قصص الأنبياء: كان على عهد إبراهيم عليه السلام رجل يقال: له ماريا بن أوس قد أتت عليه ستمائة سنة وستون سنة، وكان يكون في عيضة (1) له بينه وبين الناس خليج من ماء غمر، وكان يخرج إلى الناس في كل ثلاث سنين فيقيم في الصحراء في محراب له يصلي فيه، فخرج ذات يوم فيما كان يخرج فإذا هو بغنم كان عليها الدهن (2) فأعجب بها وفيها شاب كان وجهه شقة قمر، فقال: يا فتى لمن هذا الغنم؟ قال: لإبراهيم خليل الرحمن، قال:
فمن أنت؟ قال أنا ابنه إسحاق; فقال: ما ريا في نفسه: اللهم أرني عبدك وخليلك حتى أراه قبل الموت، ثم رجع إلى مكانه، ورفع إسحاق ابنه خبره إلى أبيه فأخبره بخبره، فكان إبراهيم يتعاهد ذلك المكان الذي هو فيه ويصلي فيه، (3) فسأله إبراهيم عن اسمه وما أتى عليه من السنين فخبره، فقال: أين تسكن؟ فقال: في غيضة، فقال إبراهيم: إني أحب أن آتي موضعك فأنظر إليه وكيف عيشك فيها، قال: إني أيبس من الثمار الرطب ما يكفيني إلى قابل، لا تقدر أن تصل إلى ذلك الموضع فإنه خليج وماء غمر، فقال له إبراهيم: فمالك فيه معبر؟
قال: لا، قال: فكيف تعبر؟ قال: أمشي على الماء، قال إبراهيم: لعل الذي سخر لك الماء يسخره لي، قال: فانطلق وبدأ ماريا فوضع رجله في الماء وقال: بسم الله، قال إبراهيم:
بسم الله، فالتفت ماريا وإذا إبراهيم يمشي كما يمشي هو، فتعجب من ذلك فدخل الغيضة فأقام معه إبراهيم ثلاثة أيام لا يعلمه من هو، ثم قال له: يا ماريا ما أحسن موضعك! هل لك أن تدعو الله أن يجمع بيننا في هذا الموضع؟ فقال: ما كنت لافعل، قال: ولم؟ قال:
لأني دعوته بدعوة منذ ثلاث سنين لم يجبني فيها، قال: وما الذي دعوته؟ فقص عليه

(1) الغيضة: الأجمة. مجتمع الشجر في مغيض الماء.
(2) كناية اما عن سمنها أي ملئت دهنا، أو صفائها أي طليت به.
(3) في الهامش: كان ههنا سقطا كما سيظهر مما سيأتي في سائر الروايات في باب جمل أحواله عليه السلام. منه دام ظله.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست