بشجرة وقد ظهر الماء لهما، فقالوا لهاجر: من أنت؟ وما شأنك وشأن هذا الصبي؟ قالت:
أنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن، وهذا ابنه أمره الله أن ينزلنا ههنا، فقالوا لها: فتأذنين لنا أن نكون بالقرب منكم؟ (1) قالت لهم: حتى يأتي إبراهيم عليه السلام، فلما زارهم إبراهيم يوم الثالث قالت هاجر: يا خليل الله إن ههنا قوما من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منا، أفتأذن لهم في ذلك؟ فقال إبراهيم: نعم، فأذنت هاجر لجرهم فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم (2) فأنست هاجر وإسماعيل بهم، فلما زارهم إبراهيم في المرة الثالثة نظر إلى كثرة الناس حولهم فسر بذلك سرورا شديدا، فلما ترعرع إسماعيل (3) عليه السلام وكانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل كل واحد منهم شاة وشاتين وكانت هاجر و إسماعيل يعيشان بها، فلما بلغ إسماعيل مبلغ الرجال أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت فقال: يا رب في أية بقعة؟ (4) قال: في البقعة التي أنزلت على آدم القبة فأضاء لها الحرم، فلم تزل القبة التي أنزلها الله على آدم قائمة حتى كان أيام الطوفان أيام نوح عليه السلام، فلما غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة وغرقت الدنيا إلا موضع البيت، فسميت البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق، فلما أمر الله عز وجل إبراهيم أن يبني البيت لم يدر في أي مكان يبنيه، فبعث الله جبرئيل عليه السلام فخط له موضع البيت، فأنزل الله عليه القواعد من الجنة، وكان الحجر الذي أنزله الله على آدم أشد بياضا من الثلج، فلما مسته أيدي الكفار اسود، فبنى إبراهيم البيت ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى، فرفعه في السماء تسعة أذرع، ثم دله على موضع الحجر (5) فاستخرجه إبراهيم ووضعه في موضعه الذي هو فيه الان، وجعل (6) له بابين: بابا إلى المشرق، وبابا إلى المغرب، والباب الذي إلى المغرب يسمى المستجار، ثم ألقى عليه