إبراهيم ووضعهم وأراد الانصراف عنهم إلى سارة (1) قالت له هاجر: يا إبراهيم لم تدعنا (2) في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع؟ فقال إبراهيم: الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان هو يكفيكم، ثم انصرف عنهم، (3) فلما بلغ كدى (4) وهو جبل بذي طوى التفت إليهم (5) إبراهيم فقال: " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " ثم مضى وبقيت هاجر، فلما ارتفع النهار عطش إسماعيل وطلب الماء فقامت هاجر في الوادي في موضع المسعى فنادت: هل في الوادي من أنيس؟ فغاب إسماعيل عنها فصعدت على الصفا ولمع لها السراب في الوادي وظنت أنه ماء، فنزلت في بطن الوادي وسعت فلما بلغت المسعى غاب عنها إسماعيل ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا فهبطت إلى الوادي تطلب (6) الماء فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا فنظرت حتى فعلت ذلك سبع مرات، فلما كان في الشوط السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجليه، فعدت (7) حتى جمعت حوله رملا فإنه كان سائلا فزمته بما جعلته حوله (8) فلذلك سميت زمزم، وكان جرهم نازلة بذي المجاز وعرفات فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطير والوحش على الماء، فنظرت جرهم إلى تعكف الطير (9) على ذلك المكان واتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبي نازلين في ذلك الموضع قد استظلا
(٩٨)