أبيك السلام يا شيث أما إنه قد قبض، وإنما نزلت لشأنه فعظم الله على مصيبتك فيه أجرك، وأحسن على العزاء منه صبرك، وآنس بمكانه منك عظيم وحشتك، ارجع فرجع معهم ومعهم كل ما يصلح به أمر آدم عليه السلام قد جاؤوا به من الجنة، فلما صاروا إلى آدم عليه السلام كان أول ما صنع شيث أن أخذ صحيفة الوصية من تحت رأس آدم عليه السلام فشدها على بطنه فقال جبرئيل عليه السلام: من مثلك يا شيث قد أعطاك الله سرور كرامته وألبسك لباس عافيته؟ فلعمري لقد خصك الله منه بأمر جليل. ثم إن جبرئيل عليه السلام وشيثا أخذا في غسله وأراه جبرئيل كيف يغسله حتى فرغ، ثم أراه كيف يكفنه ويحنطه حتى فرغ، ثم أراه كيف بحفر له، ثم إن جبرئيل أخذ بيد شيث فأقامه للصلاة عليه كما نقوم اليوم نحن، ثم قال: كبر على أبيك سبعين تكبيرة وعلمه كيف يصنع ثم إن جبرئيل عليه السلام أمر الملائكة أن يصطفوا قياما " خلف شيث كما يصطف اليوم خلف المصلي على الميت، فقال شيث عليه السلام: يا جبرئيل ويستقيم هذا لي وأنت من الله بالمكان الذي أنت ومعك عظماء الملائكة؟ فقال جبرئيل: يا شيث ألم تعلم أن الله تعالى لما خلق أباك آدم أوقفه بين الملائكة وأمرنا بالسجود له فكان إمامنا ليكون ذلك سنة في ذريته، وقد قبضه اليوم وأنت وصيه ووارث علمه وأنت تقوم مقامه، فكيف نتقدمك وأنت إمامنا؟ فصلى بهم عليه كما أمره، ثم أراه كيف يدفنه فلما فرغ من دفنه وذهب جبرئيل عليه السلام ومن معه ليصعدوا من حيث جاؤوا بكى شيث ونادى: يا وحشتاه، فقال له جبرئيل: لا وحشة عليك مع الله تعالى يا شيث، بل نحن نازلون عليك بأمر ربك وهو يؤنسك فلا تحزن وأحسن ظنك بربك فإنه بك لطيف وعليك شفيق. ثم صعد جبرئيل ومن معه، وهبط قابيل من الجبل وكان على الجبل هاربا " من أبيه آدم عليه السلام أيام حياته لا يقدر أن ينظر إليه، فلقي شيثا فقال: يا شيث إني إنما قتلت هابيل أخي لأن قربانه تقبل ولم يتقبل قرباني، وخفت أن يصير بالمكان الذي قد صرت أنت اليوم فيه، وقد صرت بحيث أكره وإن تكلمت بشئ مما عهد إليك به أبي لأقتلنك كما قتلت هابيل.
قال زرارة: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام بيده إلى فمه فأمسكه يعلمنا، أي هكذا أنا ساكت فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة معشر شيعتنا! فتمكنوا عدوكم من رقابكم