لمن يروضها لدار البقاء " ومتاع إلى حين " لكم في الأرض منفعة إلى حين موتكم، لأن الله تعالى منها يخرج زروعكم وثماركم وبها ينزهكم وينعمكم، وفيها أيض " ا بالبلايا يمتحنكم، يلذذكم بنعيم الدنيا تارة لتذكروا نعيم الأخرى الخالص مما ينغص نعيم الدنيا و يبطله ويزهد فيه ويصغره ويحقره، ويمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي قد تكون في خلالها الرحمات، وفي تضاعيفها النعم (1) التي تدفع عن المبتلى بها مكاره (2) ليحذركم بذلك عذاب الأبد الذي لا يشوبه عافية، ولا يقع في تضاعفيه راحة ولا رحمة " وقلنا اهبطوا " قد فسر، ثم قال الله عز وجل: " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا " الدالات على صدق محمد على ما جاء به من أخبار القرون السالفة (3) وعلى ما أداه إلى عباد الله من ذكر تفضيله لعلي عليه السلام وآله الطيبين خير الفاضلين والفاضلات بعد محمد سيد البريات " أولئك " الدافعون لصدق محمد في أنبائه والمكذبون له في تصديقه لأوليائه (4) علي سيد الأوصياء والمنتجبين من ذريته الطيبين الطاهرين. (5) بيان: تبهظك أي تثقل عليك من قولهم: بهظه الحمل يبهظه بهظا أي أثقله و عجز عنه. قوله عليه السلام: (يروضها) من راض الدابة أي علمها وذللها، ولما شبه عليه السلام الأيام والليالي بالمركب الذي يسرع بنا إلى الأجل نسب إليها الروض ترشيحا، فمن سعى للآخرة فكأنما راض هذه الدابة للتوجه إلى الآخرة وتحصيل سعاداتها. ونغص عيشه: كدره.
ثم اعلم أنه اختلف في كيفية وصول إبليس إلى آدم وحواء حتى وسوس إليهما وإبليس كان قد اخرج من الجنة حين أبى السجود وهما في الجنة، فقيل: إن آدم كان يخرج إلى باب الجنة وإبليس لم يكن ممنوعا " من الدنو منه فكان يكلمه، وكان هذا قبل أن يهبط إلى الأرض وبعد أن اخرج من الجنة، وقيل: إنه كلمهما من الأرض بكلام عرفاه وفهماه منه، وقيل: إنه دخل في فقم الحية وخاطبهما من فقمها، والفقم: جانب