بالشجرة التي معها الحراب يدفعون عنها سائر حيوانات الجنة لا يدفعونكما عنها إن رمتما فاعلما بذلك (1) أنه قد أحل لك، وابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه، الآمرة الناهية فوقه. فقالت حواء: سوف أجرب هذا، فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها فأوحى الله إليها: إنما تدفعون بحرابكم مالا عقل له يزجر، وأماما جعلته ممكنا " مميزا " مختارا " فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه فإن أطاع استحق ثوابي، وإن عصى وخالف أمري استحق عقابي وجزائي، فتركوها ولم يتعرضوا لها (2) بعد ما هموا بمنعها بحرابهم، فظنت أن الله نهاهم عن منعها لأنه قد أحلها بعد ما حرمها، فقالت: صدقت الحية، وظنت أن المخاطب لها هي الحية، فتناولت منها ولم تنكر من نفسها شيئا "، فقالت لآدم: ألم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا؟ تناولت منها ولم تمنعي أملاكها، (3) ولم أنكر شيئا " من حالي، فلذلك اغتر آدم (4) وغلط فتناول فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه: " فأزلهما الشيطان عنها " بوسوسته و غروره " فأخرجهما مما كانا فيه " من النعيم.
" وقلنا " يا آدم ويا حواء ويا أيها الحية ويا إبليس " اهبطوا بعضكم لبعض عدو " آدم وحواء وولدهما عدو للحية وإبليس، والحية وأولادهما أعداؤكم " ولكم في الأرض مستقر " منزل ومقر للمعاش " ومتاع " منفعة " إلى حين " الموت، قال الله تعالى: " فتلقى آدم من ربه كلمات " يقولها فقالها " فتاب " الله " عليه " بها " إنه هو التواب الرحيم " التواب القابل التوبات، الرحيم بالتائبين " قلنا اهبطوا منها جميعا " " كان أمر في الأول أن يهبطا، (5) وفي الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا " لا يتقدم أحدهم الآخر، والهبوط إنما هو هبوط آدم وحواء من الجنة، وهبوط الحية أيضا " منها فإنها كانت من أحسن دوابها، وهبوط إبليس من حواليها فإنه كان محرما " عليه دخول الجنة " فإما يأتينكم مني هدى " يأتيكم وأولادكم من بعدكم مني هدى يا آدم ويا إبليس " فمن تبع هداي