وارتفع عنه نظر إلى المروة فمشى حتى انتهى إلى المروة فصعد عليها فسلم على حواء، ثم أقبلا بوجههما نحو موضع الترعة ينظر ان هل رفع قواعد البيت ويسألان الله أن يردهما إلى مكانهما حتى هبط من المروة فرجع إلى الصفا فقام عليه وأقبل بوجهه نحو موضع الترعة فدعا الله، ثم إنه اشتاق إلى حواء فهبط من الصفا يريد المروة ففعل مثل ما فعله في المرة الأولى، ثم رجع إلى الصفا ففعل عليه مثل ما فعل في المرة الأولى، ثم إنه هبط من الصفا إلى المروة ففعل مثل ما فعل في المرتين الأوليين، (1) ثم رجع إلى الصفا فقام عليه ودعا الله أن يجمع بينه وبين زوجته حواء، قال: فكان ذهاب آدم من الصفا إلى المروة ثلاث مرات ورجوعه ثلاث مرات فذلك ستة أشواط، فلما أن دعيا الله وبكيا إليه وسألاه أن يجمع بينهما استجاب الله لهما من ساعتهما من يومهما ذلك مع زوال الشمس، فأتاه جبرئيل وهو على الصفا واقف يدعو الله مقبلا " بوجهه نحو الترعة فقال له جبرئيل عليه السلام: انزل يا آدم من الصفا فالحق بحواء، فنزل آدم من الصفا إلى المروة ففعل مثل ما فعل في الثلاث المرات حتى انتهى إلى المروة فصعد عليها وأخبر حواء بما أخبره جبرئيل عليه السلام ففرحا بذلك فرحا " شديدا " وحمدا الله وشكراه، فلذلك جرت السنة بالسعي بين الصفا والمروة، ولذلك قال الله: " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ".
قال: ثم إن جبرئيل أتاهما فأنزلهما من المروة وأخبرهما أن الجبار تبارك و تعالى قد هبط إلى الأرض فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا، وحجر من المروة وحجر من طور سيناء، وحجر من جبل السلام وهو ظهر الكوفة، فأوحى الله إلى جبرئيل أن ابنه وأتمه، قال: فاقتلع جبرئيل الأحجار الأربعة بأمر الله من مواضعهن بجناحيه فوضعهما حيث أمره الله في أركان البيت على قواعده التي قدرها الجبار ونصب أعلامها، ثم أوحى الله إلى جبرئيل: أن ابنه وأتممه بحجارة من أبي قبيس، واجعل له بابين: باب شرقي، وباب غربي، قال: فأتمه جبرئيل، فلما أن فرغ منه طافت الملائكة حوله،