فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام، قال: وكانت أوتادها من غصون الجنة، وأطنابها من ظفائر (1) الأرجوان، قال. فأوحى الله إلى جبرئيل: اهبط على الخيمة سبعين ألف ملك يحرسونها من مردة الجن، ويؤنسون آدم وحواء، ويطوفون حول الخيمة تعظيما " للبيت والخيمة، قال: فهبطت الملائكة فكانوا بحضرة (2) الخيمة يحرسونها من مردة الشياطين والعتاة، ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كل يوم وليلة كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور، قال وأركان البيت الحرام في الأرض حيال البيت المعمور الذي في السماء.
قال: ثم إن الله أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك: أن اهبط إلى آدم وحواء فنحهما عن مواضع قواعد بيتي فإني أريد أن أهبط في ظلال من ملائكتي إلى أرضي فأرفع أركان بيتي لملائكتي ولخلقي من ولد آدم، قال: فهبط جبرئيل على آدم وحواء فأخرجهما من الخيمة ونحاهما عن ترعة البيت الحرام ونحى الخيمة عن موضع الترعة، قال: ووضع آدم على الصفا، حواء على المروة، ورفع الخيمة إلى السماء، فقال آدم وحواء:
يا جبرئيل بسخط من الله حولتنا وفرقت بيننا أم برضى تقديرا " من الله علينا؟ فقال لهما: لم يكن ذلك سخطا من الله عليكما، ولكن الله لا يسأل عما يفعل، يا آدم: إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض ليؤنسوك ويطوفون حول أركان البيت والخيمة سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتا " على موضع الترعة المباركة (3) حيال البيت المعمور فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور، فأوحى الله إلي: أن أنحيك و حواء وأرفع الخيمة إلى السماء، فقال آدم: رضينا بتقدير الله ونافذ أمره فينا، فكان آدم على الصفا وحواء على المروة، قال: فدخل آدم لفراق حواء وحشة شديدة وحزن قال:
فهبط من الصفا يريد المروة شوقا " إلى حواء وليسلم عليها وكان فيما بين الصفا والمروة واد وكان آدم يرى المروة من فوق الصفا، فلما انتهى إلى موضع الوادي غابت عنه المروة فسعى في الوادي حذرا لما لم ير المروة مخافة أن يكون قد ضل عن طريقه، فلما أن جاز الوادي