قال الشيخ أدام الله عزه: فقلت له: ارجع إليه وقل له: قد عرضت ما ألقيته إلي على فلان فقال: قل له: إن كانت الامامية حنبلية بما وصفت أيها الشيخ فالمسلمون بأجمعهم حنبلية، والقرآن ناطق بصحة الحنبلية وصواب مذاهب أهلها، وذلك أن الله عز وجل يقول: (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للانسان عدو مبين (١)) فأثبت الله جل اسمه المنام، وجعل له تأويلا عرفه أولياءه عليهم السلام، وأثبته الأنبياء، ودانت به خلفاؤهم وأباعهم من المؤمنين، و اعتمدوه في علم ما يكون، وأجروه مجرى الخبر مع اليقظة وكالعيان له. وقال سبحانه:
(ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نر؟ من المحسنين (٢)) فنبأ هما بتأويله، وذلك على تحقيق منه لحكم المنام، وكان سؤالهما مع جهلهما بنبوته دليلا على أي المنامات حق عندهم، والتأويل لأكثرها صحيح إذا وافق معناها. وقال عز اسمه: ﴿وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات يا أيها الملا أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون * قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين﴾ (٣) ثم فسرها يوسف فكان الامر كما قال.
وقال سبحانه في قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: ﴿فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين﴾ (4) فأثبتا (عليهما السلام) الرؤيا وأوجبا الحكم بها، ولم يقل إسماعيل لأبيه (عليه السلام): يا أبت لا تسفك دمي برؤيا رأيتها فإن الرؤيا قد تكون من حديث النفس وأخلاط البدن وغلبة الطباع بعضها على بعض، كما ذهبت إليه المعتزلة، فقول الامامية في هذا الباب ما نطق به القرآن، وقول هذا الشيخ هو قول الملا من أصحاب الملك حين قالوا: (أضغاث أحلام) ومع ذلك فإنا لسنا نثبت الاحكام الدينية من جهة