أظهروا البراءة من معتقده وأنكره هو وزاد في الانكار، فقلت له: أليس من مذهبك ومذهب هؤلاء الفقهاء أن عليا (عليه السلام) لم يكن معصوما كعصمة النبي (صلى الله عليه وآله)؟ قال: بلى قلت: فلم لا يجوز عليه الخطاء في شئ من الاحكام؟ فسكت.
ثم قلت له: أليس عندكم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد كان يجتهد رأيه في كثير من الاحكام؟ وأن عمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة كانوا من أهل الاجتهاد؟ قال: بلى، قلت له: فما الذي يمنع من إصابة هؤلاء القوم ما يذهب على أمير المؤمنين (عليه السلام) من جهة الاجتهاد مع ارتفاع العصمة عنه وكون هؤلاء القوم من أهل الاجتهاد؟ فقال: ليس يمنع من ذلك مانع، قلت له: فقد أقررت بما أنكرت الآن، ومع هذا فليس من أصلك أن كل أحد بعد النبي (صلى الله عليه وآله) يؤخذ من قوله ويترك إلا ما انعقد عليه الاجماع؟ قال: بلى، قلت له: أفليس هذا يسوغكم الخلاف على أمير المؤمنين (عليه السلام) في كثير من أحكامه التي لم يقع عليه الاجماع؟! وبعد فليست لي حاجة إلى هذا التعسف ولا فقر فيما حكيت (1) إلى هذا الاستدلال، لأنه لا أحد (2) من الفقهاء إلا وقد خالف أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض أحكامه، ورغب عنها إلى غيرها، وليس فيهم أحد وافقه في جميع ما حكم به من الحلال والحرام، وإني لأعجب من إنكارك ما ذكرت، وصاحبك الشافعي يخالف أمير المؤمنين (عليه السلام) في الميراث والمكاتب ويذهب إلى قول زيد فيهما! ويروى عنه أنه كان لا يرى الوضوء من مس الذكر، ويقول هو: إن الوضوء منه واجب، وأن عليا (عليه السلام) خالف الحكم فيه بضرب من الرأي! وحكى الربيع عنه في كتابه المشهور أنه لا بأس بصلاة الجمعة والعيدين خلف كل أمين وغير مأمون ومتغلب، صلى علي بالناس وعثمان محصور، فجعل الدلالة على جواز الصلاة خلف المتغلب على أمر الأمة صلاة الناس خلف علي في زمن حصر عثمان، فصرح بأن عليا كان متغلبا! ولا خلاف أن المتغلب على أمر الأمة فاسق ضال، وقال: لا بأس بالصلاة خلف الخوارج لأنهم متأولون وإن كانوا فاسقين، فمن يكون هذا مذهبه ومقالة