المرتد الخارج عن الدين، ومجرى من فضل جبرئيل (عليه السلام) على إبليس، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) على أبي جهل بن هشام، في أن المفاضلة بين من ذكرناه يوجب لمن لا فضل له على وجه فضلا مقاربا لفضل العظماء عند الله تعالى، وهذا بين لمن تأمله. مع أنه لو كان هذا الحديث صحيحا وتأويله على ما ظنه القوم يوجب أن يكون حد المفتري واجبا على الرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحاشا له من ذلك، لان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) على سائر الخلق، وآخى بينه وبين نفسه، وجعله بحكم الله في المباهلة نفسه، وسد أبواب القوم إلا بابه، ورد أكثر الصحابة (1) عن إنكاحهم ابنته سيدة نساء العالمين (عليها السلام) وأنكحه، وقدمه في الولايات كلها ولم يؤخره، وأخبر أنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وأنه أحب الخلق إلى الله تعالى، وأنه مولى من كان مولاه من الأنام، وأنه منه بمنزلة هارون من موسى بن عمران، وأنه أفضل من سيدي شباب أهل الجنة، وأن حربه حربه وسلمه سلمه، وغير ذلك مما يطول شرحه إن ذكرناه. (2) وكان أيضا يجب أن يكون (عليه السلام) قد أوجب الحد على نفسه إذ أبان فضله على سائر أصحاب الرسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث يقول: (أنا عبد الله وأخو رسول الله، لم يقلها أحد قبلي ولا يقولها أحد بعدي إلا مفتر كذاب، صليت قبلهم سبع سنين) وفي قوله لعثمان وقد قال له: أبو بكر وعمر خير منك فقال: (بل أنا خير منك ومنهما، عبدت الله عز وجل قبلهما وعبدته بعدهما) وكان أيضا قد أوجب الحد على ابنه الحسن وجميع ذريته وأشياعه وأنصاره وأهل بيته، فإنه لا ريب في اعتقاد هم فضله على سائر الصحابة، وقد قال الحسن (عليه السلام) صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين (عليه السلام): (لقد قبض الليلة رجل (3) ما سبقه الأولون بعمل، ولا أدركه الآخرون) وهذه المقالة متهافتة جدا.
وقال الشيخ أيده الله: ولست أمنع العبارة بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان أفضل من أبي بكر وعمر على معنى تسليم فضلهما من طريق الجدل، أو على معتقد