كان عدلا، وقال آخرون: لم يكن عدلا، لأنه أخذ ما ليس له، فمن أجمعوا على عدالته واختلفوا في عصمته أولى بالإمامة وأحق ممن اختلفوا في عدالته وأجمعوا على نفي العصمة عنه. (1) 9 - ثم قال: ومن حكايات الشيخ وكلامه قال: سئل الفضل بن شاذان رحمه الله عما روته الناصبة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (لا أوتي برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري) فقال: إنما روى هذا الحديث سويد بن غفلة وقد أجمع أهل الآثار على أنه كان كثير الغلط، وبعد فإن نفس الحديث متناقض، لان الأمة مجمعة على أن عليا (عليه السلام) كان عدلا في قضيته، وليس من العدل أن يجلد حد المفتري من لم يفتر، لان هذا جور على لسان الأمة كلها، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) عندنا برئ من ذلك.
قال الشيخ أدام الله عزه: وأقول: إن هذا الحديث إن صح عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - ولن يصح بأدلة أذكرها بعد - فإن الوجه فيه أن الفاضل بينه وبين الرجلين (2) إنما وجب عليه حد المفتري من حيث أوجب لهما بالمفاضلة مالا يستحقانه من الفضل، لان المفاضلة لا يكون إلا بين مقاربين في الفضل، (3) وبعد أن يكون في المفضول فضل، و إذا كانت الدلائل على أن من لا طاعة معه لا فضل له في الدين، وأن المرتد عن الاسلام ليس فيه شئ من الفضل الديني وكان الرجلان بجحدهما النص قبل قد خرجا عن الايمان بطل أن يكون لهما فضل في الاسلام، فكيف يحصل لهما من الفضل ما يقارب فضل أمير المؤمنين (عليه السلام)؟! ومتى فضل إنسان أمير المؤمنين (عليه السلام) عليهما فقد أوجب لهما فضلا في الدين، فإنما استحق حد المفتري الذي هو كاذب، دون المفتري الذي هو راجم بالقبيح، لأنه افترى بالتفضيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) عليهما من حيث كذب في إثبات فضل لهما في الدين، ويجري في هذا الباب مجرى من فضل البر التقي (4) على الكافر