فأما كتاب الله تبارك وتعالى فقوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فدعانا سبحانه إلى طاعة اولي الامر كما دعانا إلى طاعة نفسه وطاعة رسوله، فاحتجنا إلى معرفة اولي الامر كما وجبت علينا معرفة الله تعالى، ومعرفة الرسول عليه وآله السلام، فنظرنا في أقاويل الأمة فوجدناهم قد اختلفوا في اولي الامر، وأجمعوا في الآية على ما يوجب كونها في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال بعضهم: اولي الامر هم امراء السرايا، وقال بعضهم: هم العلماء، وقال بعضهم: هم القوام على الناس، والآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، وقال بعضهم: هم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته عليهم السلام، فسألنا الفرقة الأولة فقلنا لهم: أليس علي بن أبي طالب (عليه السلام) من امراء السرايا؟ فقالوا: بلى، فقلنا للثانية: ألم يكن (عليه السلام) من العلماء؟ قالوا: بلى، فقلنا للثالثة: أليس علي (عليه السلام) قد كان من القوام على الناس بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ فقالوا: بلى، فصار أمير المؤمنين (عليه السلام) معينا بالآية باتفاق الأمة واجتماعها، وتيقنا ذلك بإقرار المخالف لنا في الإمامة (1) والموافق عليها، فوجب أن يكون إماما بهذه الآية لوجود الاتفاق على أنه معني بها، ولم يجب العدول إلى غيره والاعتراف بإمامته لوجود الاختلاف في ذلك وعدم الاتفاق وما يقوم مقامه من البرهان.
وأما السنة فإنا وجدنا النبي (صلى الله عليه وآله) استقضى عليا (عليه السلام) على اليمن، وأمره