على الجيوش، وولاه الأموال، وأمره بأدائها إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد ظلما، واختاره لأداء رسالات الله سبحانه والابلاغ عنه في سورة براءة، واستخلفه عند غيبته على من خلف، ولم نجد النبي (صلى الله عليه وآله) سن هذه السنن في أحد غيره، ولا اجتمعت هذه السنن في أحد بعد النبي (صلى الله عليه وآله) كما اجتمعت في علي (عليه السلام)، وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد موته واجبة كوجوبها في حياته، وإنما يحتاج الأمة إلى الامام بهذه الخصال التي ذكرناها، فإذا وجدناها في رجل قد سنها الرسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه كان أولى بالإمامة ممن لم يسن النبي فيه شيئا من ذلك.
وأما الاجماع فإن إمامته ثبتت من جهته من وجوه: منها أنهم قد أجمعوا جميعا أن عليا (عليه السلام) قد كان إماما ولو يوما واحدا، ولم يختلف في ذلك أصناف أهل الإمامة (1) ثم اختلفوا فقالت طائفة: كان إماما في وقت كذا وكذا، (2) وقالت طائفة:
بل كان إماما بعد النبي (صلى الله عليه وآله) في جميع أوقاته، ولم يجمع الأمة على غيره أنه كان إماما في الحقيقة طرفة عين، والاجماع أحق أن يتبع من الاختلاف.
ومنها أنهم أجمعوا جميعا على أن عليا (عليه السلام) كان يصلح للإمامة، وأن الإمامة تصلح لبني هاشم، واختلفوا في غيره، وقالت طائفة: لم يكن تصلح لغير علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولا تصلح لغير بني هاشم، والاجماع حق لا شبهة فيه، والاختلاف لا حجة فيه.
ومنها أنهم أجمعوا على أن عليا (عليه السلام) كان بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ظاهر العدالة واجبة له الولاية، ثم اختلفوا فقال قوم: كان مع ذلك معصوما (3) من الكبائر والضلال، وقال آخرون: لم يك معصوما ولكن كان عدلا برا تقيا على الظاهر، لا يشوب ظاهره الشوائب، فحصل الاجماع على عدالته (عليه السلام)، واختلفوا في نفي العصمة عنه (عليه السلام).
ثم أجمعوا جميعا على أن أبا بكر لم يكن معصوما، واختلفوا في عدالته فقالت طائفة: