قوله: (لان صفته لم تزل) الظاهر (صنعته) بدل (صفته) أي لا يتوقف صنعه و إيجاده إلا على إرادته تعالى إيجاده، فإذا كانت الإرادة قديمة كان المراد أيضا قديما (1) ولو كان (صفته) فالمراد أيضا ما ذكرنا بنوع من التكلف، أي صفة إيجاده بإرجاع الضمير إلى الانسان، أو إلى الله تعالى، فأجاب الخراساني: بأن قدم الإرادة لا يستلزم قدم المراد، إذ الايجاد فعل فلعله مع وجود الإرادة لم يفعله، فأجاب (عليه السلام):
بأن إرادته تعالى لا يتخلف عن الايجاد لقوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) ثم أجاب أخيرا بأن إيجاده تعالى ليس بمباشرة ومزاولة بل ليس إلا بمحض إرادته، فإذا لم تكن الإرادة كافية في الايجاد فعلى أي شئ يتوقف.
قوله. (حتى وصفها بالإرادة بما لا معنى له) أي كيف يعقل أن يقال: إن الإرادة لا معنى لها، والحال أن الله تعالى وصف نفسه بها وذكرها في كتابه، وهل يجوز أن يذكر الله شيئا لا معنى له؟.
قوله (عليه السلام): (فلم يرد شيئا) إذ الإرادة الأزلية إما أن يتعلق بقديم، فالقديم لا يكون مسبوقا بالإرادة كما مر في الاخبار، أو بحادث فيلزم تخلف المراد عن الإرادة وهو غير جائز كما مر في هذا الخبر، أو هو بالتشديد من الرد، أي لم يرد الخراساني جوابا، فكلمة (إن) وصلية. قوله: (ليس الأشياء إرادة ولم يرد شيئا) أي ليست الأشياء عين الإرادة كما قال ضرار، ولم يتعلق إرادته أيضا بشئ، ويحتمل أن يكون كلمة (إلا) استثناء كما في بعض النسخ، أي ليس إلا شيئا واحدا أراده وهو أصل الخلق من غير تفصيل أو الإرادة، فقال (عليه السلام): لقد وسوست على بناء المجهول، أي وسوس إليك الشيطان حتى تكلمت بذلك، أو خبط الشيطان عقلك حيث تتكلم بهذه الخرافات، ثم بين ضعف قوله بأنه على قولك: إنه أراد الإرادة القديمة ولم يرد غيرها أن يكون الإرادة متعلقة بأمر قديم لم يزل مع الله، وتأثير الشئ فيما يكون معه دائما لا يكون على وجه الإرادة والاختيار، بل يكون على وجه الاضطرار كإحراق النار، وفي بعض نسخ التوحيد: