إنه يعلم أن إنسانا يموت اليوم وهو لا يريد أن يموت اليوم، وإنه يخلق خلقا وأنه لا يريد أن يخلقهم، وإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد أن يكون فإنما يعلم أن يكون ما أراد أن يكون.
قال سليمان: فإنما قولي: إن الإرادة ليست هو ولا غيره، قال الرضا (عليه السلام):
يا جاهل إذا قلت: ليست هو فقد جعلتها غيره، فإذا قلت: ليست هي غيره فقد جعلتها هو، قال سليمان: فهو يعلم كيف يصنع الشئ؟ (1) قال: نعم، قال سليمان: فإن ذلك إثبات للشئ، قال الرضا (عليه السلام): أحلت، لان الرجل قد يحسن البناء وإن لم يبن، ويحسن الخياطة وإن لم يخط، ويحسن صنعة الشئ وإن لم يصنعه أبدا، ثم قال له:
يا سليمان هل يعلم أنه واحد لا شئ معه؟ قال: نعم، قال: أفيكون ذلك إثباتا للشئ، قال سليمان: ليس يعلم أنه واحد لا شئ معه، قال الرضا (عليه السلام): أفتعلم أنت ذاك؟ قال:
نعم، قال: فأنت يا سليمان أعلم منه إذا، قال سليمان: المسألة محال، قال: محال عندك أنه واحد لا شئ معه، وأنه سميع بصير حكيم قادر؟ قال: نعم، فال: فكيف أخبر عز وجل أنه واحد حي سميع بصير حكيم قادر عليم خبير وهو لا يعلم ذلك؟
وهذا رد ما قال وتكذيبه (2) تعالى الله عن ذلك، ثم قال له الرضا (عليه السلام): فكيف يريد صنع ما لا يدري صنعه ولا ما هو؟ وإذا كان الصانع لا يدري كيف يصنع الشئ قبل أن يصنعه فإنما هو متحير، تعالى الله عن ذلك.
قال سليمان: فإن الإرادة: القدرة، قال الرضا (عليه السلام): وهو عز وجل يقدر على ما لا يريده أبدا ولا بد من ذلك، لأنه قال تبارك وتعالى: (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أو حينا إليك) فلو كانت الإرادة هي القدرة (3) كان قد أراد أن يذهب به