في سماء أو أرض أو بحر أو بر من كلب أو خنزير أو قرد أو إنسان أو دابة إرادة الله، وإن إرادة الله تحيا وتموت وتذهب وتأكل وتشرب وتنكح وتلد (1) وتظلم وتفعل الفواحش وتكفر وتشرك، فنبرؤ منها ونعاديها، (2) وهذا حدها، قال سليمان: إنما كالسمع والبصر والعلم، قال الرضا (عليه السلام): قد رجعت إلى هذا ثانية، فأخبرني عن السمع والبصر والعلم أمصنوع؟ قال سليمان: لا، قال الرضا عليه السلام: فكيف نفيتموه؟ فمرة قلتم لم يرد، ومره قلتم أراد وليست بمفعول له؟
قال سليمان: إنما ذلك كقولنا: مرة علم، ومرة لم يعلم، قال الرضا (عليه السلام): ليس ذلك سواء، لان نفي المعلوم ليس بنفي العلم، ونفي المراد نفي الإرادة أن تكون، لان الشئ إذا لم يرد لم يكن إرادة، وقد يكون العلم ثابتا وإن لم يكن المعلوم، بمنزلة البصر فقد يكون الانسان بصيرا وإن لم يكن المبصر، ويكون العلم ثابتا وإن لم يكن المعلوم، قال سليمان: إنها مصنوعة، قال: فهي محدثة ليست كالسمع والبصر، لان السمع والبصر ليسا بمصنوعين وهذه مصنوعة، قال سليمان:
إنها صفة من صفاته لم تزل، قال: فينبغي أن يكون الانسان لم يزل، لان صفته لم تزل، قال سليمان: لا، لأنه لم يفعلها، قال الرضا (عليه السلام): يا خراساني ما أكثر غلطك!
أفليس بإرادته وقوله تكون الأشياء؟ قال سليمان: لا، قال: فإذا لم تكن بإرادته ولا مشيته ولا أمره ولا بالمباشرة فكيف يكون ذلك؟ تعالى الله عن ذلك، فلم يحر جوابا.
ثم قال الرضا (عليه السلام): ألا تخبرني عن قول الله عز وجل: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) يعني بذلك أنه يحدث إرادة؟ قال له: نعم، قال: فإذا أحدث إرادة كان قولك: إن الإرادة هي هو أو شئ منه باطلا، لأنه لا يكون أن يحدث نفسه ولا يتغير عن حاله، تعال يا لله عن ذلك، قال سليمان: إنه لم يكن عنى بذلك أنه يحدث إرادة، قال: فما عنى به؟ قال: عنى به فعل الشئ، قال الرضا (عليه السلام):