وشرد وحصب بالحصى وعلاه أبو لهب بسلا شاة، (1) فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل (2) ملك الجبال: أن شق الجبال، وانته إلى أمر محمد (صلى الله عليه وآله)، فاتاه فقال له:
إني قد أمرت لك بالطاعة، فإن أمرت أن أطبق عليهم الجبال (3) فأهلكتهم بها.
قال عليه الصلاة والسلام: إنما بعثت رحمة رب اهد أمتي فإنهم لا يعلمون ويحك يا يهودي إن نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم رقة القرابة وأظهر عليهم شفقة، فقال: (رب إن ابني من أهلي) فقال الله تبارك وتعالى اسمه: (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) أراد جل ذكره أن يسليه بذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) لما علنت من قومه المعاندة (4) شهر عليهم سيف النقمة ولم تدركه فيهم رقة القرابة، ولم ينظر إليهم بعين مقة قال له اليهودي فإن نوحا دعا ربه فهطلت له السماء بماء منهمر (5) قال له (عليه السلام) لقد كان كذلك وكانت دعوته دعوة غضب ومحمد (صلى الله عليه وآله) هطلت له السماء بماء منهمر رحمة، إنه (عليه السلام) (6) لما هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة، فقالوا له:
يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) احتبس القطر، واصفر العود، وتهافت الورق، (7) فرفع يده المباركة حتى رئي بياض إبطيه، وما ترى في السماء سحابة، فما برح حتى سقاهم الله، حتى أن الشاب المعجب بشبابه لتهمه نفسه في الرجوع إلى منزله فما يقدر من شدة السيل، فدام أسبوعا، فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا: يا رسول الله لقد تهدمت الجدر، واحتبس الركب والسفر، فضحك عليه الصلاة والسلام وقال: هذه سرعة ملالة ابن آدم ثم قال:
اللهم حوالينا ولا علينا اللهم في أصول الشيح ومراتع البقع) فرئي حوالي المدينة