يومين، وألحق بإخواني من الأنبياء من قبلي فراده الله تعالى الكوثر، وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة، ووعده المقام المحمود، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش فهذا أفضل مما أعطي سليمان ابن داود (عليه السلام) قال له اليهودي: فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت به في بلاده غدو ها شهر ورواحها شهر فقال له علي (عليه السلام) لقد كان كذلك ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش فدنا بالعلم فتدلى، فدلي له من الجنة رفرف أخضر و غشى النور بصره فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ولم يرها بعينه فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، فكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة قوله تعالى: ((لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير) وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم (عليه السلام) إلى أن بعث الله تبارك اسمه محمد (صلى الله عليه وآله) وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعرضها على أمته فقبلوها، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها، فلما أن صار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه فقال: (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه) فأجاب (صلى الله عليه وآله) مجيبا عنه وعن أمته فقال جل ذكره:
لهم الجنة والمغفرة علي إن فعلوا ذلك فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أمال إذا فعلت بنا ذلك (فغفر انك ربنا وإليك المصير) يعني المرجع في الآخرة قال: فأجابه الله جل ثناؤه: وقد فعلت ذلك بك وبأمتك ثم قال عز وجل: أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها أمتك فحق علي أن أرفعها عن أمتك. فقال: