لقد كان كذلك، ولقد أعطى الله محمدا (صلى الله عليه وآله) ما هو أفضل منه، لقد ألقى الله عز وجل عليه محبة منه، فمن هذا الذي يشركه في هذا الاسم إذ تم من الله عز وجل به الشهادة فلا تتم الشهادة إلا أن يقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ينادى به على المنابر، فلا يرفع صوت بذكر الله عز وجل إلا رفع بذكر محمد (صلى الله عليه وآله) معه.
قال له اليهودي: لقد أوحى الله إلى أم موسى لفضل منزلة موسى (عليه السلام) عند الله عز وجل. قال علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ولقد لطف الله جل ثناؤه لام محمد (صلى الله عليه وآله) بأن أوصل إليها اسمه حتى قالت: إشهد والعالمون أن محمدا (صلى الله عليه وآله) منتظر، وشهد الملائكة على الأنبياء أنهم أثبتوه في الاسفار، (1) وبلطف من الله عز وجل ساقه إليها ووصل إليها اسمه لفضل منزلته عنده حتى رأت في المنام أنه قيل لها: إنما في بطنك سيد فإذا ولدته فسميه محمدا (صلى الله عليه وآله)، فاشتق الله له اسما من أسمائه، فالله محمود وهذا محمد (صلى الله عليه وآله) قال له اليهودي: فإن هذا موسى بن عمران قد أرسله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى. قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أرسله إلى فراعنة شتى، مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، وأبي البختري، والنضر بن الحارث وأبي بن خلف، ومنبه وبنيه ابني الحجاج، وإلى الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، و الأسود بن المطلب، والحارث بن الطلاطلة (2) فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتى تبين لهم أنه الحق قال له اليهودي: لقد انتقاهم الله لموسى (عليه السلام) من فرعون. قال له علي (عليه السلام):
لقد كان كذلك، ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمد (صلى الله عليه وآله) من الفراعنة، فأما المستهزؤون فقد قال الله تعالى: (إنا كفيناك المستهزئين) فقتل الله كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد، فإما الوليد المغيرة فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق فأصابه شظية منه فانقطع أكحله حتى أدماه فمات وهو يقول: قتلني رب محمد - (صلى الله عليه وآله) -.