بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٧٤
وفي قوله تعالى: " ألم تر إلى الذين أوتوا " نزلت في رفاعة بن زيد بن السائب ومالك بن دخشم كانا إذا تكلم رسول الله صلى الله عليه وآله لويا بلسانهما وعاباه، عن ابن عباس. (1) وفي قوله: " ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم " قيل: نزلت في رجال من اليهود أتوا بأطفالهم إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: هل على هؤلاء من ذنب؟ قال: لا فقالوا: فوالله ما نحن إلا كهيئتهم، ما عملناه بالنهار كفر عنا بالليل وما عملناه بالليل كفر عنا بالنهار، فكذبهم الله تعالى، وقيل نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. (2) وفي قوله: " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا " قيل: كان أبو برزة كاهنا في الجاهلية فسافر إليه ناس (3) ممن أسلم فنزلت، وقيل: إن كعب بن الأشرف خرج في سبعين راكبا من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشا على رسول الله صلى الله عليه وآله فينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله، فنزل كعب على أبي سفيان فأحسن مثواه ونزلت اليهود في دور قريش فقال أهل مكة: إنكم أهل كتاب ومحمد صاحب الكتاب فلا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل، فذلك قوله: " يؤمنون بالجبت والطاغوت " ثم قال كعب: يا أهل مكة ليجئ منكم ثلاثون ومنا ثلاثون نلصق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد، ففعلوا ذلك: فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب: إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميون لا نعلم، فأينا أهدى طريقا وأقرب إلى الحق: نحن أم محمد؟ قال كعب: أعرضوا علي دينكم، فقال أبو سفيان: نحن ننحر للحجيج الكوماء، ونسقيهم الماء، ونقري الضيف، ونفك العاني، (4) ونصل الرحم، ونعمر بيت ربنا، ونطوف به، ونحن أهل الحرم، ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وفارق الحرم،

(1) مجمع البيان 3: 53. (2) مجمع البيان 3: 58.
(3) في المصدر: فتنافس إليه ناس.
(4) الكوماء: البعير الضخم السنام. العاني: الأسير.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست