بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٣٢٤
أبرص كما كان ولم يدخل في دينك، فإن ذلك كان أحب إلي.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لكن الله عز وجل قد خلصه من هذه الآفة وأوجب له نعيم الجنة. قال أبوه: يا محمد ما كان هذا لك ولا لصاحبك، (1) إنما جاء وقت عافيته فعوفي، فإن كان صاحبك هذا - يعني عليا - مجابا في الخير فهو أيضا مجاب في الشر فقل له:
يدعو علي بالجذام والبرص، فإني أعلم أنه لا يصيبني، ليتبين لهؤلاء الضعفاء الذين قد اغتروا بك أن زواله عن ابني لم يكن بدعائه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا يهودي اتق الله وتهنأ بعافية الله إياك، ولا تتعرض للبلاء ولما لا تطيقه، وقابل النعمة بالشكر، فإن من كفرها سلبها: ومن شكرها امترى مزيدها. فقال اليهودي: من شكر نعم الله تكذيب عدو الله المفتري عليه، وإنما أريد بهذا أن اعرف ولدي أنه ليس مما قلت له وادعيته قليل ولا كثير، وأن الذي أصابه من خير لم يكن بدعاء علي صاحبك.
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا يهودي هبك قلت: إن عافية ابنك لم يكن بدعاء علي عليه السلام، وإنما صادف دعاؤه وقت مجئ عافيته، أرأيت لو دعا علي عليه السلام عليك بهذا البلاء الذي اقترحته فأصابك أتقول: إن ما أصابني لم يكن بدعائه، ولكنه صادف دعاؤه وقت بلائي؟ قال: لا أقول هذا، لان هذا احتجاج مني على عدو الله في دين الله واحتجاج منه علي، والله أحكم من أن يجيب إلى مثل هذا فيكون قد فتن عباده و دعاهم إلى تصديق الكاذبين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فهذا في دعاء علي عليه السلام لابنك كهو في دعائه عليك، لا يفعل الله تعالى ما يلبس به على عباده دينه ويصدق به الكاذب عليه، فتحير اليهودي لما بطلت عليه شبهته وقال: يا محمد ليفعل علي هذا بي إن كنت صادقا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا أبا حسن قد أبى الكافر إلا عتوا وتمردا وطغيانا، فادع عليه بما اقترح، وقل: اللهم ابتله ببلاء ابنه من قبل، فقالها فأصاب اليهودي داء ذلك الغلام مثل ما كان فيه الغلام من الجذام والبرص، واستولى عليه الألم

(1) في نسخة: ولا لأصحابك.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»
الفهرست