بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٣١٩
الإمام عليه السلام: قال الله عز وجل لقوم من هؤلاء اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة النبي صلى الله عليه وآله وهو خلاف صفته، وقالوا للمستضعفين: هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان: إنه طويل، عظيم البدن والبطن، أصهب الشعر، ومحمد بخلافه، وهو يجئ بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة، وإنما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رياستهم، وتدوم لهم منهم إصاباتهم، ويكفوا أنفسهم مؤونة خدمة رسول الله صلى الله عليه وآله و خدمة علي عليه السلام وأهل خاصته، فقال الله عز وجل: " فويل لهم مما كتبت أيديهم " من هذه الصفات المحرفات المخالفات لصفة محمد صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام، الشدة لهم من العذاب في أسوأ بقاع جهنم " وويل لهم " الشدة من العذاب ثانية لهم مضافة إلى الأولى " مما يكسبونه " من الأموال التي يأخذونها إذ أثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله، والجحد لوصية أخيه علي ولي الله عليه السلام.
وقالوا: " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " الآية، قال الإمام عليه السلام: قال الله عز وجل: " وقالوا " يعني اليهود المظهرين للايمان، المسرين للنفاق، المدبرين (1) على رسول الله صلى الله عليه وآله (2) وذويه بما يظنون أن فيه عطبهم (3) " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " وذلك أنه كان لهم أصهار وإخوة رضاع من المسلمين يسرون كفرهم عن محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وإن كانوا به عارفين، صيانة لهم لأرحامهم وأصهارهم، قال لهم هؤلاء: ولم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون؟ أجابهم ذلك اليهود بأن مدة ذلك العذاب نعذب به لهذه الذنوب أياما معدودة تنقضي، ثم نصير بعد في النعمة في الجنان، فلا نتعجل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا، فإنها تفنى وتنقضي، ونكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة ولذات نعمة الدنيا، ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد، فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فنى.
فقال الله عز وجل: " قل " يا محمد " أتخذتم عند الله عهدا " أن عذابكم على كفركم

(1) في نسخة: يعنى اليهود المظهرون للايمان، المسرون للنفاق، المدبرون اه‍.
(2) في المصدر: اليهود المصرون المظهرون للايمان المسرون للنفاق المدبرون على رسول الله.
(3) أي يظنون أن فيه هلاكهم.
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست