الله من الخير " فقليلا ما يؤمنون " قليل إيمانهم، يؤمنون ببعض ما أنزل الله ويكفرون ببعض، فإذا كذبوا محمدا في سائر ما يقول فقد صار ما كذبوا به أكثر وما صدقوا به أقل، وإذا قرئ " غلف " فإنهم قالوا: قلوبنا غلف، في غطاء فلا نفهم كلامك وحديثك، نحو ما قال الله تعالى: " وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب " وكلا القراءتين حق، وقد قالوا بهذا وبهذا جميعا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: معاشر اليهود أتعاندون رسول رب العالمين؟ و تأبون الاعتراف بأنكم كنتم بذنوبكم من الجاهلين؟ إن الله لا يعذب بها أحدا ولا يزيل عن فاعل هذا عذابه أبدا، إن آدم عليه السلام لم يقترح على ربه المغفرة لذنبه إلا بالتوبة، فكيف تقترحونها أنتم مع عنادكم؟. (1) توضيح: قال الطبرسي رحمه الله: القراءات المشهورة " غلف " بسكون اللام، وروي في الشواذ " غلف " بضم اللام عن أبي عمرو، فمن قرأ بتسكين اللام فهو جمع الأغلف، يقال للسيف إذا كان في غلاف: أغلف، ومن قرأ بضم اللام فهو جمع غلاف فمعناه: أن قلوبنا أوعية العلم فما بالها لا تفهم؟.
15 - تفسير الإمام العسكري: قوله عز وجل: " قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة " إلى قوله: " والله بصير بما يعملون " قال الإمام عليه السلام: قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام إن الله تعالى لما وبخ هؤلاء اليهود على لسان رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وقطع معاذيرهم، و أقام عليهم الحجج الواضحة بأن محمدا صلى الله عليه وآله سيد النبيين وخير الخلائق أجمعين، وأن عليا عليه السلام سيد الوصيين (2) وخير من يخلفه بعده في المسلمين، وأن الطيبين من آله هم القوام بدين الله والأئمة لعباد الله عز وجل، وانقطعت معاذيرهم وهم لا يمكنهم إيراد حجة ولا شبهة فجاؤوا إلى أن كابروا (3) فقالوا: لا ندري ما تقول، ولكنا نقول:
إن الجنة خالصة لنا من دونك يا محمد ودون علي ودون أهل دينك وأمتك،