بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٣٢٨
وقاعد وراكع وساجد فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى وجه عبد الله فرآه متغيرا وإلى عينيه دامعتين، فقال: مالك يا عبد الله؟ فقال: يا رسول الله قصدتني اليهود وأساءت جواري، وكل ماعون لي استعاروه مني وكسروه وأتلفوه، وما استعرت منهم منعونيه، ثم زاد أمرهم بعد هذا فقد اجتمعوا وتواطؤوا وتحالفوا على أن لا يجالسني منهم أحد، ولا يبايعني ولا يشاريني (1) ولا يكلمني ولا يخالطني، (2) وقد تقدموا بذلك إلى من في منزلي، فليس يكلمني أهلي، وكل جيراننا يهود وقد استوحشت منهم، فليس لي انس بهم، والمسافة ما بيننا وبين مسجدك هذا ومنزلك بعيدة، فليس يمكنني في كل وقت يلحقني ضيق صدر منهم أن أقصد مسجدك أو منزلك، فلما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله غشيه ما كان يغشاه عند نزول الوحي عليه من تعظيم أمر الله تعالى، ثم سري عنه (3) وقد انزل عليه: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ".
قال: يا عبد الله بن سلام " إنما وليكم الله " وناصركم الله على اليهود القاصدين بالسوء لك " ورسوله " (4) إنما وليك وناصرك (5) " والذين آمنوا الذين " صفتهم أنهم " يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " أي وهم في ركوعهم، ثم قال: يا عبد الله بن سلام " ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا " من تولاهم ووالى أولياءهم وعادى أعداءهم ولجأ عند المهمات إلى الله ثم إليهم " فإن حزب الله " جنده " هم الغالبون " لليهود وسائر الكافرين، أي فلا يهمنك يا ابن سلام، فإن الله تعالى وهؤلاء أنصارك، وهو كافيك شرور أعدائك وذائد عنك مكائدهم، فقال رسول الله صلى الله وآله وسلم: يا عبد الله بن

(1) في المصدر: ولا يشاورني.
(2) في نسخة: ولا يخاطبني.
(3) سرى عنه أي زال عنه ما كان يجده.
(4) في المصدر: إنما وليكم الله وناصركم على اليهود القاصدين بالسوء لك الله ورسوله، إنما وليكم وناصركم والذين آمنوا.
(5) في نسخة: أي إنما وليك وناصرك.
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست