بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٣٢٥
والبلاء، وجعل يصرخ ويستغيث ويقول: يا محمد قد عرفت صدقك فأقلني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو علم الله صدقك لنجاك، ولكنه عالم بأنك لا تخرج عن هذا الحال إلا ازددت كفرا، ولو علم أنه إن نجاك آمنت به لجاد عليك بالنجاة، فإنه الجواد الكريم.
ثم قال عليه السلام: فبقي اليهودي في ذلك الداء والبرص أربعين سنة آية للناظرين، وعبرة للمعتبرين، وعلامة وحجة بينة لمحمد صلى الله عليه وآله باقية للغابرين، وعبرة للمتكبرين، وبقي ابنه كذلك معافى صحيح الأعضاء والجوارح ثمانين سنة عبرة للمعتبرين، وترغيبا للكافرين في الايمان، وتزهيدا لهم في الكفر والعصيان.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله حين حل البلاء باليهودي بعد زوال البلاء عن ابنه: عباد الله وإياكم والكفر لنعم الله (1) فإنه مشوم على صاحبه، ألا وتقربوا إلى الله بالطاعات يجزل لكم المثوبات، وقصروا أعماركم في الدنيا بالتعرض لأعداء الله في الجهاد لتنالوا طول أعمار الآخرة (2) في النعيم الدائم الخالد، وابذلوا أموالكم في الحقوق اللازمة ليطول غناؤكم في الجنة. فقام ناس فقالوا: يا رسول الله نحن ضعفاء الأبدان قليلو الاعمار الأموال لا نفي بمجاهدة الأعداء، ولا تفضل أموالنا عن نفقات العيالات، فماذا نصنع؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا فليكن صدقاتكم من قلوبكم وألسنتكم.
قالوا: كيف يكون ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: أما القلوب فتقطعونها (فتعقدونها خ ل) على حب الله وحب محمد رسول الله وحب علي ولي الله ووصي رسول الله، وحب المنتجبين للقيام بدين الله، وحب شيعتهم ومحبيهم، وحب إخوانكم المؤمنين، والكف عن اعتقادات العداوات والشحناء والبغضاء، وأما الألسنة فتطلقونها بذكر الله تعالى بما هو أهله، والصلاة على نبيه محمد وآله الطيبين، فإن الله تعالى بذلك يبلغكم أفضل الدرجات وينيلكم به المراتب العاليات. (3)

(1) في نسخة: بنعم الله.
(2) في نسخة: طول الاعمار في الآخرة.
(3) تفسير العسكري: 179 - 182.
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست