بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٣١٤
آلهم صلى الله عليهم، وليس في قلوبكم شئ من هذه الخيرات " وما الله بغافل عما تعملون " بل عالم به يجازيكم عنه بما هو به عادل عليكم وليس بظالم لكم، يشدد حسابكم ويؤلم عقابكم، وهذا الذي وصف الله تعالى به قلوبهم ههنا نحو ما قال في سورة النساء " أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا " وما وصف به الأحجار ههنا نحو ما وصف في قوله تعالى: " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله " وهذا التقريع من الله تعالى لليهود والناصب، واليهود جمعوا الامرين واقترفوا الخطيئتين، فغلظ على اليهود ما وبخهم به رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال جماعة من رؤسائهم وذوي الألسن والبيان منهم: يا محمد إنك تهجونا و تدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه، إن فيها خيرا كثيرا: نصوم ونتصدق و نواسي الفقراء.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما الخير ما أريد به وجه الله تعالى وعمل على ما أمر الله تعالى به، وأما ما أريد به الرياء والسمعة ومعاندة رسول الله صلى الله عليه وآله وإظهار العناد له والتمالك والشرف عليه فليس بخير، بل هو الشر الخالص، وبال على صاحبه يعذبه الله به أشد العذاب.
فقالوا له: يا محمد أنت تقول هذا ونحن نقول: بل ما ننفقه إلا لابطال أمرك و دفع رياستك ولتفريق أصحابك عنك، وهو الجهاد الأعظم نؤمل به من الله الثواب الأجل الاجسم، وأقل أحوالنا أنا تساوينا في الدعوى معك، فأي فضل لك علينا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا إخوة اليهود إن الدعاوي يتساوى فيها المحقون والمبطلون ولكن حجج الله ودلائله تفرق بينهم فتكشف عن تمويه المبطلين، وتبين عن حقائق المحقين، ورسول الله محمد لا يغتنم جهلكم ولا يكلفكم التسليم له بغير حجة، ولكن يقيم عليكم حجة الله التي لا يمكنكم دفاعها ولا تطيقون الامتناع من موجبها، ولو ذهب محمد يريكم آية من عنده لشككتم وقلتم: إنه متكلف مصنوع محتال فيه معمول أو متواطأ عليه، وإذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون لم يكن لكم أن تقولوا:
معمول أو متواطأ عليه أو متأتى بحيلة ومقدمات، فما الذي تقترحون؟ فهذا رب
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»
الفهرست