بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٧
الكفار ما قالوا قال الله: يا محمد " تلك أمانيهم " التي يتمنونها بلا حجة " قل هاتوا برهانكم " وحجتكم على دعواكم " إن كنتم صادقين " كما أتى محمد ببراهينه التي سمعتموها، ثم قال: " بلى من أسلم وجهه لله " يعني كما فعل هؤلاء الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وآله لما سمعوا براهينه وحججه " وهو محسن " في عمله لله " فله أجره " ثوابه " عند ربه " يوم فصل القضاء " ولا خوف عليهم " حين يخاف الكافرون ما (مما خ ل) يشاهدونه من العذاب " ولا هم يحزنون " عند الموت لان البشارة بالجنان تأتيهم عند ذلك. (1) الإحتجاج: بإسناده إلى أبي محمد عليه السلام قال: ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين وأن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام قد نهوا عنه. وساق الحديث إلى قوله: وقالوا:
ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد أنك رسول الله. (2) بيان: قوله صلى الله عليه وآله: (من الخلة أو الخلة) والأولى بالفتح وهي بمعنى الفقر و الحاجة، والثانية بالضم وهي بمعنى غاية الصداقة والمحبة، اشتق من الخلال، لان المحبة تخللت قلبه فصارت خلاله، أي في باطنه، وقد ذكر اللغويون أنه يحتمل كون الخليل مشتقا من الخلة بالفتح أو الضم.
قوله صلى الله عليه وآله: (قد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل ونهار) تدرج عليه السلام في الاحتجاج فنزلهم أولا عن مرتبة الانكار إلى مدرجة الشك بهذا الكلام، وحاصله أنكم كثيرا ما تحكمون بأشياء لم تروها كحكمكم هذا بعدم اجتماع الليل والنهار فيما سبق من الأزمان، فليس لكم أن تجعلوا عدم مشاهدتكم لشئ حجة للجزم بإنكاره.
(فلا تنكروا لله قدرة) أي فلا تنكروا أن الأشياء مقدورة لله تعالى وأن الله خالقها أولا تنكروا قدرة الله على إحداثها من كتم العدم ومن غير مادة، ثم أخذ صلى الله عليه وآله في إقامة البرهان على حدوثها وهو يحتمل وجهين:
الأول: أن يكون إلى آخر الكلام برهانا واحدا، حاصله أنه لا يخلو من أن يكون الليل والنهار أي الزمان غير متناه من طرف الأزل منتهيا إلينا، أو متناهيا من

(1) تفسير العسكري: 218 - 226.
(2) بل ذكره بتمامه، راجع الاحتجاج: 7 - 13.
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست