بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٠
المخزومي: أنا إلى ذلك، أفما ترضاني له قرنا حسيبا ومجادلا كفيا؟ قال أبو جهل بلى فأتوه بأجمعهم، فابتدأ عبد الله بن أبي أمية المخزومي فقال: يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا، زعمت أنك رسول رب العالمين، وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله! بشرا مثلنا، تأكل كما نأكل، (1) وتمشي في الأسواق كما نمشي، فهذا ملك الروم وهذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير مال عظيم حال، (2) له قصور ودور وفساطيط (3) وخيام وعبيد وخدام، و رب العالمين فوق هؤلاء كلهم وهم عبيده، ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك و نشاهده، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيا لكان إنما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ما أنت يا محمد إلا مسحورا ولست بنبي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هل بقي من كلامك شئ؟ قال: بلى لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجل من فيما بيننا مالا وأحسنه حالا، فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم أن الله أنزله عليك وانبعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم: إما الوليد بن المغيرة بمكة، وإما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
هل بقي من كلامك شئ يا عبد الله؟ فقال: بلى، لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكة هذه فإنها ذات أحجار وعرة وجبال، تكسح أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون فإننا إلى ذلك محتاجون، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتأكل منها وتطعمنا فتفجر الأنهار خلالها - خلال تلك النخيل والأعناب - تفجيرا، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، فإنك قلت لنا: " وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم " فلعلنا نقول ذلك، ثم قال: أو تأتي بالله والملائكة قبيلا، تأتي به وبهم وهم لنا مقابلون، أو يكون لك بيت من زخرف تعطينا منه وتغنينا به فلعلنا نطغى، فإنك قلت لنا: " كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى " ثم قال: أو ترقى

(1) زاد في الاحتجاج: وتشرب كما نشرب.
(2) في المصدرين: كثير المال عظيم الحال.
(3) في التفسير: ودور وبساتين وفساطيط.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست